أليساندرو ديل بييروالدوري الايطاليكرة القدم الإيطاليةتقارير ومقالات خاصة

الدوري الإيطالي جنة العواجيز – مودريتش ودي بروين يطبقان مقولة بيرلو

لم يعد تجاوز الثلاثين في كرة القدم الأوروبية حكمًا بالإعدام على مسيرة اللاعب، بل تحوّل في الدوري الإيطالي إلى بداية فصل جديد من المجد.

ومع عودة الحديث عن اقتراب لوكا مودريتش من ميلان، وتعاقد نابولي مع كيفن دي بروين، تزداد القناعة بأن الكالتشيو بات الوجهة المثالية للنجوم الكبار الباحثين عن بصمة أخيرة، لا تُنسى.

في إيطاليا، لا تُقاس القيمة بعدد الكيلومترات المقطوعة، بل بقدرتك على التحكم بالكرة، قراءة الملعب، وقيادة الإيقاع. إنها بطولة تمنح الخبرة مكانًا مركزيًا في عالم بات مفتونًا بالسرعة والشباب.

في وقت من الأوقات، كان يُطلق على الكرة الإيطالية “جنة كرة القدم”، باعتبار الدوري الإيطالي هو الأقوى في العالم، خلال فترة الثمانينات والتسعينات مع مطلع الألفية.

أبرز المدربين واللاعبين كانت وجهتهم الأولى هي إيطاليا، ميلان ويوفنتوس أبطال أوروبا أكثر من مرة، كذلك بارما وجيله التاريخي، مع استمرار تواجد الأندية في المراحل المتقدمة للبطولات الأوروبية.

مارادونا وفان باستن، زيدان وباتيستوتا، رونالدو الظاهرة وشيفتشينكو، ديل بييرو ونيدفيد، روبرتو باجيو وخوليت وديفيدز، أساطير كرة القدم، كانوا يضعون الكالتشيو أمامهم كهدف.

وفي ظل التعاقد مع نجوم مثل هؤلاء، إلا أن الدوري الإيطالي كان دائمًا أرضًا خصبة للاعبين الذين يتقدمون في العمر.

كريستيانو رونالدو – الوجهة الأمثل

عندما رحل كريستيانو رونالدو عن ريال مدريد في عام 2018، اختار يوفنتوس، كان مؤمنًا بمشروع البيانكونيري رغم الرؤية الضبابية التي سيطرت على الوضع بعد ذلك.

في عمر الـ33 انضم كريستيانو رونالدو إلى يوفنتوس، مقابل أكثر من 100 مليون يورو، وتمكن من حصد جائزة الهداف في موسمه الأخير 2020-2021 برصيد 29 هدفًا.

هذا الأمر ونحن نتحدث عن كريستيانو رونالدو، الذي وصل لعامه الـ40 ولا يزال قادرًا على العطاء، فبالتأكيد لن يكون الحالة الوحيدة التي يُمكن القياس عليها، لكن الإشارة هنا إلى اختيار أسطورة البرتغال استكمال مسيرته في المستوى الأعلى ببطولة الدوري الإيطالي، عندما رحل عن ريال مدريد، وطلب من ميسي الانضمام للكالتشيو حينذاك في تصريحات سابقة.

كريستيانو رونالدو - يوفنتوس (المصدر:Gettyimages)
كريستيانو رونالدو – يوفنتوس (المصدر:Gettyimages)

أرقام كريستيانو رونالدو مع يوفنتوس

عدد المبارياتسجلصنع
13410122

زلاتان إبراهيموفيتش – العجوز المنقذ

في ديسمبر 2019، خسر ميلان من أتالانتا بخماسية، وبعد أيام قليلة، الروسونيري تعاقد مع زلاتان إبراهيموفيتش في صفقة انتقال حر من لوس أنجلوس جالاكسي.

جاء زلاتان لميلان لتغيير البيئة، لإصلاح كل شيء في ميلان. قاد الروسونيري بعد ذلك للتأهل إلى دوري أبطال أوروبا بعد غياب أكثر من 6 سنوات.

لم يتوقف الأمر هنا، فقد وضع زلاتان ميلان من جديد على منصات التتويج، وتُوِّج الروسونيري ببطولة الدوري الإيطالي في موسم 2021-2022، بعد غياب 11 عامًا.

زلاتان مع ميلان في فترته الثانية، ورغم أن عمره كان 38 عامًا، لكنه كان مؤثرًا وأهدافه كانت حاسمة في العديد من المباريات الكبرى.

إبراهيموفيتش
زلاتان إبراهيموفيتش – ميلان – المصدر: Gettyimages

أرقام إبراهيموفيتش مع ميلان في فترته الثانية

الموسمعدد المبارياتسجلصنع
2019-202020 115
2020-202127173
2021-20222783
2022-2023440

بيدرو رودريجيز – لا يزال قادرًا على العطاء

بعد تألقه مع برشلونة وتشيلسي وتحقيق البطولات الكبرى مع الناديين، رحل بيدرو رودريجيز للدوري الإيطالي عبر بوابة روما في صفقة انتقال حر، وهو في عمر الـ32.

بعد موسم مع روما، انضم بيدرو إلى لاتسيو في عمر الـ33، ورغم أنه لم يكن لاعبًا أساسيًا، لكن الإسباني المخضرم كان صاحب بصمة في معظم المباريات الكبرى.

أبرز هذه المباريات، كانت التي شهدت ضياع الدوري على إنتر ميلان مايو الماضي، عندما سجل ثنائية في ملعب جوسيبي مياتزا، عندما دخل بديلًا في الشوط الثاني، ومنع النيرازوري من الفوز.

بيدرو لعب مع لاتسيو كمهاجم وجناح أيمن، وصانع ألعاب، ورغم ذلك كان يقدم مستوى ثابتًا، وبأقل مجهود ولكن بذكاء كبير جدًا في الملعب.

بيدرو رودريجيز
بيدرو رودريجيز المصدر:Gettyimages

وفي سن الـ37 عامًا، أعلن لاتسيو تجديد عقد بيدرو لمدة موسم إضافي، على أن ينتهي في صيف 2026، لتستمر رحلة الإسباني في ملعب أوليمبيكو مع نسور العاصمة.

أرقام بيدرو مع لاتسيو

176 مباراة، سجل 34 وصنع 17 بمختلف المسابقات.

عدد المبارياتسجلصنع
1673417

أندريا بيرلو – كرة القدم تُلعب بالعقل

جملة تاريخية قالها أندريا بيرلو ربما تلخص لماذا يُعد الإيطالي واحدًا من أبرز اللاعبين في تاريخ كرة القدم بوسط الملعب، ولماذا كان قائد ثورة يوفنتوس التي هيمنت على الكرة الإيطالية.

“كرة القدم تُلعب بالعقل، أما الأقدام فهي مجرد أدوات”.

أندريا بيرلو

في 18 مايو 2011، أعلن أندريا بيرلو رحيله رسميًا عن ميلان، بعد تعثّر مفاوضات التجديد مع المدير الرياضي أدريانو جالياني. ورغم العروض المطروحة، اختار بيرلو ألا يُغضب جماهير الروسونيري، ورفض الانتقال لإنتر ميلان، مفضّلًا خوض تحدٍ جديد مع يوفنتوس، مدفوعًا بإيمانه بمشروع المدرب أنطونيو كونتي.

هكذا بدأت حقبة السيطرة البيضاء والسوداء. موسم 2011-2012 شهد التتويج الأول ليوفنتوس في سلسلة امتدت 9 مواسم متتالية من الهيمنة على الدوري الإيطالي. وفي قلب ذلك المشروع، كان بيرلو يتألق بصمته المعتادة، يقود الإيقاع ويُعيد رسم ملامح خط الوسط، موسمًا بعد آخر، متفوقًا حتى على فريقه السابق ميلان.

أهداف بيرلو الحاسمة من الركلات الحرة، وصناعة بعض الأهداف الأخرى، جعلت أندريا أساسيًا مع المنتخب الإيطالي رغم وصوله لسن الـ34، ليأتي نهائي برلين 2015، ويضع نقطة النهاية للأرشيديتو مع البيانكونيري.

موسم واحد فقط قضاه بيرلو مع المدرب ماسيميليانو أليجري في يوفنتوس، عندما تولى الرجل الذي كان وراء رحيله من ميلان، قيادة البيانكونيري خلفًا لأنطونيو كونتي.

أندريا بيرلو – يوفنتوس

بيرلو رحل، واستمر يوفنتوس في السيطرة، ولكن كان حجر الأساس قد تم وضعه عن طريق أندريا.

أرقام بيرلو مع يوفنتوس

عدد المبارياتسجلصنع
1641938

ما بين ما فعله كريستيانو وزلاتان حديثًا في الكالتشيو، وتوهّج بيدرو، وبالحديث عن أندريا بيرلو، فبالتأكيد لا يُمكن تجاهل ما قدمه ملك إيطاليا.

ملك إيطاليا، اللقب الذي كان محتارًا ما بين أليساندرو ديل بييرو أسطورة يوفنتوس، وفرانشيسكو توتي نظيره في روما.

بصمات ديل بييرو وتوتي في تاريخ كرة القدم الإيطالية كانت استثنائية، ولكن رغم بزوغ نجم كل منهما مبكرًا، إلا أن التألق استمر لما بعد سن الـ30.

رحل أليكس عن يوفنتوس في 2012 بعدما رفض النادي تجديد عقده، واعتزل فرانشيسكو توتي في 2017 وكان يرى بأنه قادر على العطاء، لكنه رفع الحرج عن ذئاب العاصمة.

أرقام ديل بييرو مع يوفنتوس بعد سن الـ30

عدد المبارياتالأهدافالتمريرات الحاسمة
39617169

أرقام توتي مع روما بعد سن الـ30

عدد المبارياتالأهدافالتمريرات الحاسمة
36415396

تلك الأمثلة عن الأسماء الأبرز، ولكن هناك العديد من اللاعبين الذين اختاروا الكالتشيو في سن متقدم، مثل خافيير باستوري وأليكسيس سانشيز، وفرانك ريبيري، وفي الفترة الحالية يتواجد لاعبون مثل أرناوتوفيتش في إنتر ميلان والمدافع فرانشيسكو أتشيربي.

لماذا اختار دي بروين ومودريتش الدوري الإيطالي؟

لوكا مودريتش، صاحب الـ39 عامًا، أنهى موسمًا جديدًا مع ريال مدريد وهو يحظى باحترام جماهيري كبير، رغم تقلص دوره في التشكيل الأساسي.

اللاعب لا يزال يمتلك لمسته الساحرة وقراءته الفريدة للملعب، ورغبة ميلان في ضمه تبدو منطقية، خصوصًا أن الفريق اللومباردي يمتلك مجموعة شابة قد تستفيد كثيرًا من وجود عقل كروي مثل مودريتش داخل غرفة الملابس وعلى أرض الملعب، كذلك لتعويض رحيل تيجاني ريندرز.

دي بروين
دي بروين

في الجهة الأخرى، يبدو موقف دي بروين مختلفًا قليلاً. النجم البلجيكي، البالغ من العمر 33 عامًا، عانى في الموسم الأخير مع مانشستر سيتي من الإصابات التي قلّصت مشاركاته، لكنه لا يزال يعتبر أحد أفضل صانعي اللعب في العالم.

ومع نهاية عقده ورحيله عن مانشستر سيتي، تتردد أنباء عن اهتمام نابولي بالتوقيع معه، بطلب من المدرب أنطونيو كونتي، بعد الفوز بالدوري والعودة إلى دوري أبطال أوروبا من جديد.

لكن ما يجمع بين القصتين هو طبيعة الدوري الإيطالي نفسه، الذي تحوّل في السنوات الأخيرة إلى ملاذ مثالي للنجوم الذين تخطوا الثلاثين، كما كانت سماته تاريخيًا.

ففي الكالتشيو، لا يُطلب من اللاعب الركض 90 دقيقة، بل يُطلب منه أن يكون ذكيًا، يتحرك في المساحات الصحيحة، ويدير الإيقاع. وهو ما يناسب تمامًا خصائص مودريتش ودي بروين.

اليوم، لا يُنظر للدوري الإيطالي كمقبرة النجوم، بل مكان يمنحهم الحياة مجددًا، ولو لآخر مرة. ومع احتياج ميلان للاعب خبرة يوازن ديناميكية الوسط، ورغبة نابولي في نجم يضبط الإيقاع، فإن مودريتش ودي بروين قد يجدان في إيطاليا أكثر من مجرد نهاية مشوار، بل بداية أخيرة تستحق أن تُكتب.

نادر شبانة

صحفي مصري منذ عام 2012، عملت بالعديد من القنوات التلفزيونية، أقوم بتقديم محتوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أهتم بكرة القدم العالمية والإيطالية بشكل أكبر، أجيد كتابة القصص في كرة القدم والتحليلات للمباريات، وترجمة الأخبار ومتابعة الأحداث لحظة بلحظة