باريس توّج بالأبطال في فبراير – ولهذا السبب لن يسقط إنريكي مثل جوارديولا

في ديسمبر الماضي، انتشرت تقارير من صحيفة “ليكيب” الفرنسية، حول نية تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر ومالك نادي باريس سان جيرمان، بيع النادي الفرنسي إذا تلقى عرضًا جيدًا.
التقارير في ذلك الوقت، أشارت إلى أن قطر لا تنوي التخلي عن النادي بشكل نهائي، بل بيع حصة من أسهم باريس سان جيرمان فقط، في إشارة إلى الاستسلام بعد عدم النجاح الأوروبي.
بالإضافة إلى ذلك، أكدت صحيفة “ليكيب” الفرنسية أن قرار المُلاك القطريين جاء بعد اقترابهم من شراء نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي.
باريس سان جيرمان والمشروع الحقيقي
بدأت القصة في 2011، عندما استحوذت شركة قطر للاستثمار الرياضي على نادي باريس سان جيرمان، وتم تعيين ناصر الخليفي رئيسًا للنادي الباريسي.
ومع مرور الوقت، جلب باريس سان جيرمان أفضل النجوم في العالم، سواء في نهاية مسيرتهم أو في بدايتها بالتوهج واللمعان.
🎂4️⃣6️⃣
𝗝𝗼𝘆𝗲𝘂𝘅 𝗮𝗻𝗻𝗶𝘃𝗲𝗿𝘀𝗮𝗶𝗿𝗲 monsieur David Beckham ❤️💙🙌 pic.twitter.com/dXqhfmT80c— Paris Saint-Germain (@PSG_inside) May 2, 2021
أبرز الأمثلة كانت ديفيد بيكهام، الذي اعتزل في ملعب بارك دي برانس عام 2013، بالإضافة إلى نجوم الدوري الإيطالي زلاتان إبراهيموفيتش وتياجو سيلفا، وماركو فيراتي الذي كان حديث العالم آنذاك، وإيدينسون كافاني ولافيتزي.
سيطر باريس سان جيرمان على الأخضر واليابس في فرنسا، سواء من حيث الألقاب أو جلب النجوم الذين يتألقون في أي نادٍ آخر.
كما تم التعاقد مع كيليان مبابي بعد تألقه في 2017 مع موناكو، وفي نفس العام، جلب باريس سان جيرمان نيمار دا سيلفا من برشلونة، في الصفقة الأغلى في تاريخ كرة القدم، مقابل 222 مليون يورو، قيمة الشرط الجزائي في عقد البرازيلي حينذاك.
رحل زلاتان إبراهيموفيتش، ثم كافاني، ومع تجديد الدماء، ظهر ليونيل ميسي في صفقة تاريخية بعد رحيله عن برشلونة، وانضم للعملاق الباريسي مع دوناروما حارس ميلان والمنتخب الإيطالي، وكذلك فينالدوم وأشرف حكيمي، وسيرجيو راموس، في ميركاتو 2021 الذي كان تاريخيًا للفريق.
خسارة نهائي دوري أبطال أوروبا 2020 كانت الحدث الأبرز للفريق الباريسي، ورغم التعاقد مع ميسي وضم العديد من النجوم وتغيير المدربين من موسم لآخر، لم يتمكن ناصر الخليفي وأي من مساعديه، سواء في الملعب أو في المكاتب، من تحقيق اللقب الأغلى وهو دوري أبطال أوروبا.

خرج الفريق دراميًا من ريال مدريد في 2022 بدور الـ16، ثم من بايرن ميونخ في 2023، وفي 2024، خسر نصف النهائي بدون ميسي ونيمار أمام بوروسيا دورتموند، في مفاجأة للمدرب لويس إنريكي، الذي كان قد أطاح ببرشلونة في ربع النهائي.
رحل كيليان مبابي بنهاية الموسم الماضي، بعد مشاكل مع رئيس النادي ناصر الخليفي، ورفض اللاعب الفرنسي التجديد، ولم تؤثر جميع العروض المقدمة على قراره.
وجد لويس إنريكي نفسه بدون نجم حقيقي، بعد وصوله في وقت رحيل ميسي ونيمار، وبعد موسم واحد رحل عنه مبابي، ليبدأ في بناء مشروع حقيقي.
عانى باريس سان جيرمان في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، نظرًا لصعوبة جدول مبارياته، وتأهل بشق الأنفس في الجولتين الأخيرتين، ثم بدأ مسيرته الرائعة.
بدون مبابي، يعتمد باريس سان جيرمان بقيادة لويس إنريكي على لاعبين شباب يمكنهم قيادة المشروع. في مختلف المراكز هناك لاعبون شباب، إلى جانب عناصر الخبرة المتمثلة في الحارس دوناروما وماركينيوس في الدفاع.

أصبح معدل الأعمار في باريس سان جيرمان 23.6 عامًا، والقيمة السوقية 870.50 مليون يورو. وبالنظر إلى قائمة الفريق للموسم الحالي، سنجد أن أكبر لاعب هو القائد ماركينيوس، صاحب الـ31 عامًا.
وبدأت ملامح المشروع تُرسم رويدًا رويدًا في ملعب بارك دي برانس، من خلال صفقة الصيف بضم جواو نيفيز، لاعب بنفيكا الموهوب، بالإضافة إلى الظفر بخدمات خفيتشا كفاراتسخيليا في ميركاتو الشتاء.
جميع اللاعبين تنتهي عقودهم في 2027، باستثناء الحارس جيانلويجي دوناروما والمدافع بريسنل كيمبيمبي في 2026، مع إمكانية التجديد.
لويس إنريكي ليس جوارديولا
بعد الشائعات التي أشارت إلى إمكانية رحيله بسبب التعثرات في دوري أبطال أوروبا، حسم باريس سان جيرمان مستقبل مدربه إنريكي، ومن ضمن ثورة التجديدات، تم تمديد عقده حتى 2027.
بوجود إنريكي، والسياسة الجديدة التي تتخلى عن جلب النجوم وإنفاق المليارات كما في السنوات الماضية، أصبح قائد المشروع والآمر الناهي فيما يخص كرة القدم.

المدرب الإسباني يتعاقد الآن مع لاعبين يمكنهم تطبيق فلسفته التكتيكية، والراغبين في اللعب لباريس سان جيرمان، وليس أولئك الذين يأتون بحثًا عن الأموال أو المجد الشخصي فقط.
ومع تجديد عقد لويس إنريكي في فبراير الماضي، يمكن القول إن باريس أصبح بطلًا لأوروبا.
تم تمديد عقود كل من نونو مينديز حتى 2030، وأشرف حكيمي حتى 2029، ولاعب الوسط فيتينيا حتى 2029.
وكما ترى، “المستقبل يُكتب في باريس” وهو ما حدث بالفعل في يونيو، بعد 4 أشهر.
Paris, on a quelque chose à te dire…
— Paris Saint-Germain (@PSG_inside) February 7, 2025
❤️ L'avenir s'écrit à Paris 💙 pic.twitter.com/mu0jyFr9F4
السياسة الجديدة جعلت باريس سان جيرمان يحقق حلم دوري الأبطال، باستراتيجية واضحة يقودها المدرب الإسباني بالاعتماد على اللاعبين الشباب.
من جانبه، أصبح ناصر الخليفي يترك للمدرب قيادة المشروع، على عكس ما كان في الماضي، حيث كان القطري يتدخل في الصفقات ويتصدر المشهد، وهنا يظهر دور لويس كامبوس.
لويس كامبوس.. الجندي المجهول في كتيبة باريس سان جيرمان
المدير الرياضي البرتغالي، الذي بزغ نجمه في ريال مدريد في الفترة من 2012 إلى 2013، عمل في عدة أندية، وحقق نجاحًا لافتًا مع موناكو.
في الفترة من 2013 إلى 2016، جلب كامبوس العديد من اللاعبين لموناكو، مثل رادميل فالكاو وبرناردو سيلفا، واستفاد من بيع خاميس رودريجيز وأنتوني مارسيال، إضافة إلى فابينيو وتوماس ليمار وكامل جليك وغيرهم.
بعد رحيله، وصل موناكو إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا في نفس الموسم، لأول مرة منذ 2004، تحت قيادة المدرب لياندرو جارديم الذي جلبه كامبوس.

في 2022، قرر باريس سان جيرمان التعاقد مع كامبوس، الذي عمل مع كريستوف جاليتيه في ليل وتوجا بالدوري. وبعد موسم واحد، رحل جاليتيه، وجاء لويس إنريكي في صيف 2023، ليجد كامبوس ضالته في مدرب يستطيع التعامل معه.
رحل نيمار، فيراتي، إيكاردي، فينالدوم، دراكسلر، باريديس، إكيتيكي، وسيرجيو راموس، بين صيف 2023 وشتاء 2024.
وتعاقد إنريكي مع كولو مواني، جونزالو راموس، مانويل أوجارتي، بالإضافة إلى طلبه ضم عثمان ديمبيلي وبرادلي باركولا ولوكاس هيرنانديز، وصفقات مجانية مثل أسينسيو وسكرينيار.
كامبوس يعرف كيف يستفيد ماديًا من رحيل من يعيقون المشروع، كما فعل سابقًا مع ليل وموناكو وجالطة سراي، ونجح في فعل ذلك مع باريس سان جيرمان خلال 3 مواسم.
لماذا إنريكي ليس جوارديولا؟
ما ذُكر سابقًا يوضح طريقة تفكير إنريكي، الذي، رغم امتلاك ناديه للأموال، لم يصبر كما فعل جوارديولا.
بيب تعاقد مع لاعبين بمبالغ ضخمة مثل جريليش، روبن دياز، محرز، كانسيلو، لابورت، وستيرلينج، ولم تقل أي صفقة عن 60 مليون يورو.

استمرت الإنفاقات منذ قدومه في 2016 وحتى الآن، وجاء التتويج بدوري الأبطال في 2023.
لكن بيب حافظ على نفس الأسماء وطريقته، وسقط هذا الموسم سقوطًا مروعًا، رغم التدعيمات، وخرج بدون أي لقب، وتأهل إلى دوري الأبطال بشق الأنفس.
بينما إنريكي اعتمد على جيل شاب بمبالغ كبيرة، ولكن برؤية مستقبلية، فمعدل الأعمار 23.6 عامًا، والقيمة السوقية 870.50 مليون يورو.
كما حقق باريس بالاعتماد على عدد محدود من النجوم، لقبًا فشل فيه العديد من الأساطير وهم يرتدون قميص النادي.
تفكير إنريكي كان للمستقبل، ليكون قائد المشروع بمعاونة الخليفي وكامبوس، ونسيان الخيبات السابقة.
لاعبون مثل ديزيريه دووي، باتشو، نيفيز، وفيتينيا، لم يكونوا نجومًا قبل انضمامهم إلى باريس، وأصبحوا الآن أبطالًا لأوروبا عن جدارة.
الثقة في المشروع
في النهاية، يمكنك العودة إلى عنوان الموضوع، لتدرك أن باريس سان جيرمان أصبح بطلًا لأوروبا في فبراير، عندما جدد عقود إنريكي وعدد من نجوم الفريق.
في ذلك الوقت، لم يكن الفريق في أفضل حالاته، وخسر العديد من المباريات في دوري الأبطال، وكان مرشحًا للخروج أمام ليفربول.

لكن مع مرور الوقت، ظهرت نسخة مرعبة من باريس، بلعب مباشر على المرمى وكرة قدم عمودية، تخلى فيها إنريكي عن الاستحواذ السلبي، معتمدًا دائمًا على التوجه نحو المرمى.
وكل هذا يحدث تحت أنظار ناصر الخليفي، الرجل الذي وجد أخيرًا ضالته في لويس إنريكي، ليحقق له الحلم الذي طالما راوده.