توتنهام من وصيف أوروبا للنجاة من الهبوط .. كيف حدث ذلك ؟

سقوط مدويّ هذا الموسم لفريق توتنهام الإنجليزي تحت قيادة الأسترالي أنجي بوستيكوجلو، وبعد أن كان هدف سبيرز لقب الدوري منذ أعوام قليلةن أصبحت أهدافه النجاه من الهبوط.
ضمن توتنهام البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، ورغم ذلك نتائجه كارثية تحت قيادة المدرب الأسترالي، حيث تلقى 18 خسارة في 33 مباراة فقط.
11 انتصار، والتنقل بين المراكز الـ5 الأخيرة، أمور لم يعتاد عليها سبيرز خلال السنوات الأخيرة، وفي نفس الوقت، يتواجد بنصف نهائي الدوري الأوروبي.
🎯#UEL pic.twitter.com/HUbdNNDEld
— UEFA Europa League (@EuropaLeague) April 23, 2025
توتنهام أقصى آينتراخت فرانكفورت، والآن سيواجه بودا جليمت النرويجي في نصف نهائي الدوري الأوروبي، وقد يخوض النهائي ضد الفائز من مانشستر يونايتد وأتلتيك بلباو.
ولكن ماذا حدث لـ توتنهام، وكيف تحوّل الفريق الذي كان وصيف لدوري أبطال أوروبا منذ 6 سنوات، إلى هذا الحال ليصبح سعيدًا بالبقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز.
العديد من الأسباب وراء ذلك، ما بين العز والدلال، والمنافسة على البطولات والمكاسب المالية، إلى فريق لا يستطيع التعاقد مع نجم عالمي، ويتخلى عن نجومه.
كيفية استثمار الأموال
في 2012 رحل لوكا مودريتش من توتنهام إلى ريال مدريد مقابل 35 مليون يورو، وتمكن سبيرز حينها من جلب موسى ديمبلي من فولهام بـ 19 مليون، وهوجو لوريس بـ 12.60 مليون، وأديبايور وديمبسي، وكلاهما بأقل من 15 مليون.
في الموسم التالي، رحل جاريث بيل، في صفقة قياسية مقابل 101 مليون يورو، حينها انفجر دانييل ليفي رئيس توتنهام، وجلب إيريك لاميلا من روما، وسولدادو من فالنسيا، وباولينهو من كورنثيانز، وكريستيان إريكسن من أياكس، وناصر شاذلي من تفينتي، جميعهم بأقل من المبلغ الذي حصل عليه النادي من وراء جاريث بيل.

تزامن ذلك مع حصول هاري كين على الفرصة بعد سلسلة من الإعارات، ثم التعاقد مع ديلي آلي وإيريك داير خلال نفس الميركاتو 2014، مع الحفاظ على قوام الفريق.
التدعيمات استمرت مع موازنة مالية للسبيرز، مع رحيل سولدادو وكابوي وباولينهو بمبالغ جيدة، تعاقد الفريق مع ألديرفيرلد وهيونج سون مين وكيران تريبييه، ثم في الموسم التالي موسى سيسوكو وفيكتور ونياما.
جاء ذلك مع تعيين ماوريسيو بوتشيتينو، الذي جاء خلفًا لـ تيم شيروود، بعد مرحلة صعبة لسبيرز، وضع المدرب الأرجنتيني الأمور في نصابها.
BREAKING: Mauricio has signed a contract extension committing his future to the Club as Manager until 2021. pic.twitter.com/0gifUu1C7O
— Tottenham Hotspur (@SpursOfficial) May 12, 2016
حصاد ثمار بوتشيتينو
في موسم 2015-2016، خسر توتنهام لقب الدوري الإنجليزي لصالح ليستر سيتي، في معجزة القرن، وذلك عندما تلقى هزيمة من تشيلسي، أدت لفوز ليستر بالدوري.
تأهل بعدها توتنهام إلى دوري أبطال أوروبا، ولكن خرج من دور المجموعات، في نفس الوقت استمر بتقديم مستوى جيد بالدوري الإنجليزي، ليتأهل مجددًا للمرة الثانية على التوالي، وهذه واقعة لم تحدث في تاريخ النادي.

في ذلك الوقت، خرج توتنهام من أمام يوفنتوس في دور الـ16، خلال الموسم الذي تمكن فيه بوتشيتينو من هزيمة ريال مدريد، الذي توّج باللقب في النهاية.
أصبح توتنهام عضو دائم في دوري أبطال أوروبا، وتأهل للنسخة التالية 2018-2019، مجموعة الرعب تخطى منها توتنهام رفقة برشلونة، وأطاح بـ إنتر ميلان وأيندهوفن.
وفي دور الـ16، أقصى توتنهام بوروسيا دورتموند، ثم في ربع النهائي، في مباراة درامية أقصى سبيرز نظيره مانشستر سيتي، ليصعد إلى نصف النهائي.
انتهت مباراة الذهاب في إنجلترا بهدف لـ أياكس بنصف النهائي، وفي مباراة الإياب سجل النادي الهولندي هدفين في أول نصف ساعة.
المعجزة حضرت في ملعب يوهان كرويف، وهاتريك لوكاس مورا التاريخي لا يمكن أن يُنسى، ليقود ديوك لندن إلى النهائي، ويضرب موعد مع ليفربول.
Five years ago today, @LucasMoura7 scored THAT iconic #UCL semi-final hat-trick against Ajax 💫
— Tottenham Hotspur (@SpursOfficial) May 8, 2024
Incredible 🤯 pic.twitter.com/eeCCgWAtZt
دخل توتنهام النهائي وهاري كين لم يكن بجاهزية تامة، وخسر بهدفين نظيفين ضد ليفربول كلوب الذي كان يسيطر على الأخضر واليابس في ذلك الوقت.
كل هذا كان بفضل الفريق الذي تم العمل عليه خلال السنوات الماضية، كين وسون في الهجوم، وديلي آلي وسيسوكو، مع كيران تريبييه وروز وألديرفيرلد.
الإنجاز الأوروبي الأبرز لـ توتنهام كان في ذلك الموسم، وتوقع الجميع بأن يتم البناء على ذلك، ولكن دانييل ليفي، كان له رأي آخر.
إقالة بوتشيتينو وبداية السقوط
في الموسم التالي 2019-2020، خسر بوتشيتينو بسباعية من بايرن ميونخ في دوري الأبطال، من 6 هزائم خلال أول 16 مباراة في الموسم، مع تحقيق الانتصار في 5 مباريات فقط.
جاء ذلك مع رحيل كريستيان إريكسن، وكيران تريبييه، بالإضافة لـ داني روز وفرناندو لورينتي.
قرر ليفي إقالة بوتشيتينو، بعد أن خاض ما يقرب لـ 300 مباراة مع الفريق، ورغم أنه لم يحقق البطولات، لكنه قاد الفريق لأبعد نقطة وصل لها في تاريخه الأوروبي.
نافس على لقب الدوري الإنجليزي، تفوق على آرسنال في الترتيب لأول مرة في تاريخ البريمرليج، جميعها أشياء كانت تجعل الجماهير تؤمن بأن بوتشي هو الشخص المناسب.
Club statement
— Tottenham Hotspur (@SpursOfficial) November 19, 2019
رحل بوتشي، وجاء جوزيه مورينيو في قرار لم تتقبله جماهير توتنهام بسهولة، في ظل سخرية البرتغالي سابقًا من سبيرز عندما كان مدربًا لـ توتنهام، والعداوة التاريخية بين الديوك والأسود في مدينة لندن.
حقبة مورينيو وتغيير الهوية
بات من المؤكد بعد قدوم مورينيو، أن توتنهام لن يلعب كرة قدم هجومية، الاعتماد بشكل أكبر على التحوّلات، ولكن البداية كانت جيدة، بالتأهل إلى دور الـ16 من دوري الأبطال، وانهاء الدور الأول بالمركز السادس.
🗓️ 𝙊𝙣 𝙩𝙝𝙞𝙨 𝙙𝙖𝙮 𝙡𝙖𝙨𝙩 𝙮𝙚𝙖𝙧…
— Tottenham Hotspur (@SpursOfficial) November 20, 2020
Jose Mourinho became our Head Coach 👊#THFC ⚪️ #COYS pic.twitter.com/Xig58vY8hM
طريقة اللعب أصبحت مختلفة، بالاعتماد على ثلاثي دفاعي، ظهرت مجموعة من اللاعبين مثل الشاب تانجانجا واعطاء الحرية لـ سيسينيون، تطوّر ديلي آلي بعد الاختفاء.
ولكن يبدو وأنها كانت ما تُسمى بـ “حلاوة البدايات”، ليبدأ العام التالي، ويأتي فيروس كورونا، ولكن قبلها يخرج توتنهام من دوري الأبطال أمام فريق لايبزيج.
بعد العودة من كورونا، كان سبيرز أفضل، تحسنت النتائج واحتل المركز السادس وتأهل للدوري الأوروبي، بعدما فشل في الصعود للأبطال.
4 هزائم فقط في النصف الأول من الموسم، و11 مباراة على التوالي بمختلف المسابقات بدون هزيمة، جعلت البعض يظن أن مورينيو سيُغيّر نهجه.
Tell us your favourite Mourinho moment over the past 12 months! 👇#THFC ⚪️ #COYS pic.twitter.com/uqPtIWOPff
— Tottenham Hotspur (@SpursOfficial) November 20, 2020
النصف الثاني من الموسم كان يسير على ما يرام، ولكن الخسارة بثلاثية من مانشستر سيتي، بدأت تدق ناقوس الخطر، ويبدأ الضغط على الرئيس دانييل ليفي بإقالة جوزيه.
مالك توتنهام كان يثق في مورينيو، ولكن خسارة الديربي ضد آرسنال 2-1، ثم الخروج الأوروبي من دينامو زغرب رغم الفوز ذهابًا 2-0، جعل أيام جوزيه معدودة في ملعب سبيرز.
بعد التعادل مع إيفرتون، أعلن توتنهام إقالة مورينيو، وتعيين ريان ماسون لنهاية الموسم، مع عدم التأهل لـ دوري أبطال أوروبا.
عشوائية مستمرة
في الموسم التالي 2021-2022، تعاقد توتنهام مع نونو سانتو، لم يلعب أكثر من 17 مباراة، وتتم إقالته وتعيين أنطونيو كونتي.

سنرى هنا 3 مدارس مختلفة في أقل من موسم، مورينيو ثم سانتو والآن كونتي، وهو ما يؤكد العشوائية المبالغ فيها لدى إدارة توتنهام، التي لم تدرس مشروع حقيقي يمكنه تحويل الفريق لمنافس على الألقاب.
في اليوم التالي من إقالة سانتو، يأتي كونتي بمساهمة فابيو باراتيتشي المدير الرياضي الذي يعرفه جيدًا منذ أن كان معه في يوفنتوس.
نجح كونتي في إنهاء الموسم بالمركز الرابع وتفوق على أرسنال، بفارق نقطتين، ليُعيد توتنهام إلى دوري أبطال أوروبا، ويحقق ما عجز عنه كل من جاء خلف بوتشيتينو.

بدأت المشاكل بعد الخروج من دوري الأبطال في الموسم التالي 2022-2023 أمام ميلان في دور الـ16، رغم غياب أنطونيو عن الفريق لفترة قبل ذلك بسبب استئصال المرارة وإجراء جراحة كانت عاجلة في ذلك الوقت.
بعض اللاعبين انقلبوا على مورينيو، أبرزهم كان المدافع روميرو والمهاجم ريتشارليسون، بسبب عدم مشاركة الأول كثيرًا، وتغيير مركز الثاني من أجل هاري كين.
وبين ليلة وضحاها وفي قرار مفاجئ، قرر ليفي إقالة أنطونيو كونتي، واستمرار مساعده كريستيان ستيليني حتى نهاية الموسم.
4 مباريات فقط، وأقال ليفي ستيليني بسبب الخسارة 6-1 من نيوكاسل، وجاء ريان ماسون مجددًا مدرب مؤقت لنهاية الموسم.
التجربة الأسترالية .. ولماذا ؟
بنهاية الموسم، تم إيقاف باراتيتشي بسبب قضايا متعلقة بالمكاسب الرأسمالية التي طالت كل من عمل معه في يوفنتوس، مثل أنييلي وبافل نيدفيد، الرئيس ونائبه، على الترتيب.
تولى سكوت نون منصب المدير الرياضي خلفًا لـ باراتيتشي، وبعد شهرين من عيينه، جلب مواطنه الأسترالي أنجي بوستيكوجلو، مدير فني للفريق، بعد فترات ناجحة مع منتخب بلاده وسيلتك الأسكتلندي.
تزامن وصول بوستيكوجلو مع رحيل هاري كين الهداف التاريخي للنادي، وأسطورته إلى بايرن ميونخ، ليُعيد الأسترالي ترتيب البيت من جديد بعد مغادرة الإعصار.

وبطبيعة الحال كان من المنطقي الانتظار حتى يعتاد أنجي على كرة القدم الإنجليزية، وكيف سيكون توتنهام بدون هاري كين، فشل في التأهل لدوري الأبطال بفارق نقطتين فقط عن أستون فيلا.
ظهر العديد من اللاعبين الشباب، مع ماديسون وجونسون، وبيدرو بورو، بالإضافة لـ رادو دراجوسين، وكان توتنهام يقدم كرة قدم هجومية بشكل استثنائي.
كان يسير بوستيكوجلو بطريقة جيدة، ولكن هذا الموسم الأمر اختلف تمامًا، خاصة على المستوى المحلي.
تجنب الهبوط وموسم كارثي
الإصابات كانت الخطر الأكبر التي واجهت بوستيكوجلو هذا الموسم، العديد من اللاعبين مثل سولانكي وأخيرًا سون هيونج مين، وإصابة الحارس الأساسي وبديله فيكاريو وفورستر على الترتيب، مما جعل الفريق يتعاقد مع كينسجي الشاب.
انفاق 173 مليون يورو والمحصلة أن الفريق في المراكز الخمسة الأخيرة ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، وخسارة مباريات بسهولة في أوقات صعبة.
لم يتمكن الفريق من تحقيق الفوز في 3 مباريات على التوالي منذ بداية الموسم، خسارة تلو الأخرى، خروج من جميع البطولات المحلية، المنافسة فقط في الدوري الأوروبي.
كان في مصلحة بوستيكوجلو القرعة السهلة التي واجهها توتنهام، مما جعله يتواجد حاليًا في نصف النهائي، ومرشح للنهائي أيضًا.
كل ما مضى يشرح لماذا وصل توتنهام إلى هذا الحال، بعدما كان في نهائي دوري أبطال أوروبا منذ 6 سنوات، وبقرار إقالة بوتشيتينو، والعشوائية المستمرة في تغيير المدربين، مع تغيير الهوية من موسم لآخر، جعل الفريق بدون شكل وبدون شخصية واضحة.