أرني سلوتالدوري الإنجليزيليفربول365TOP

ثبات محمد صلاح وعقل إدواردز.. لأن مشروع ليفربول لا يبدأ دون الفرعون

حين تعاقد ليفربول مع الدولي المصري محمد صلاح في صيف 2017، لم يكن أحد يتوقع أن يكون هذا اللاعب القادم من روما هو مفتاح التحول الأكبر في تاريخ النادي الحديث.

لم يكن تعاقدًا عابرًا، بل كان بمثابة نقطة وقف أمامها التاريخ، التاريخ الذي عبث به محمد صلاح في الدوري الإنجليزي الممتاز.

المشروع الذي كان محمد صلاح حجر أساسه، جاء بقيادة المدير الرياضي مايكل إدواردز، ونفذه باقتدار المدرب الألماني يورجن كلوب.

في مثل هذا اليوم، 23 يونيو 2017، تم تقديم محمد صلاح لجماهير ليفربول، بعد يوم واحد فقط من الإعلان الرسمي عن انضمامه قادمًا من روما، مقابل 42 مليون يورو.

المشروع الأول بقيادة الغامض محمد صلاح

كان صيف 2017 نقطة تحول مفصلية في مسيرة ليفربول. الفريق أنهى موسمًا جديدًا بلا ألقاب، وفي مرحلة بناء المشروع، أراد يورجن كلوب لاعبين يمكنهم تقديم الإضافة، فجاء الاختيار على محمد صلاح بعد فشل التعاقد مع جوليان براندت.

جاء التوقيع مع محمد صلاح بتوصية مباشرة من مايكل إدواردز، رغم تحفظات يورجن كلوب في البداية، بعدما فشل اللاعب المصري في فترته السابقة مع تشيلسي. لكن الأرقام، كما كانت دائمًا بالنسبة لإدواردز، حسمت الأمر لصالح محمد صلاح، لما يمتلكه من سرعة وذكاء، وأداء مميز تحت قيادة سباليتي في روما.

لم يحتج صلاح إلى وقت طويل ليثبت صحة رهان إدواردز، فسجل 44 هدفًا في موسمه الأول، وتحول سريعًا إلى النجم الأول للفريق. لكن الأهم من الأهداف، أنه غيّر تمامًا شكل ليفربول على أرض الملعب.

بات الفريق يعتمد على الضغط العالي والمرتدات السريعة القاتلة، وكان صلاح هو المحرك الأول لهذا الأسلوب، إلى جانب ساديو ماني وروبرتو فيرمينو، الثنائي الذي سبق صلاح إلى أنفيلد.

ورغم رحيل فيليب كوتينيو، فقد تمكن النادي من التعاقد مع لاعبين يمكنهم تعويضه.

في يناير، انضم فيرجيل فان دايك، بعدما كان آندي روبرتسون قد رافق صلاح منذ بداية الموسم، ومع مرور الوقت، ورغم خسارة نهائي دوري أبطال أوروبا، تم تدعيم مركز حراسة المرمى بأليسون بيكر، وفابينيو في صيف 2018، رفقة نابي كيتا.

مع الوقت، اقترب المشروع من الاكتمال، وتم تدعيم المراكز الرئيسية، ليضم الفريق خطًا عموديًا يحتوي على لاعبين من الطراز العالمي، بل أصبحوا كذلك تحت قيادة يورجن كلوب:

أليسون أمامه فان دايك، وفي الوسط فابينيو، وفي الهجوم محمد صلاح إلى جانب ماني وفيرمينو.

ورغم الصفقات التي قام بها إدواردز لتجديد دماء ليفربول، ظل محمد صلاح هو الثابت الأهم، حجر الأساس الذي بُني عليه الحلم.

تُوّج الفريق بدوري أبطال أوروبا 2019، ثم بالبريميرليج بعد غياب 30 عامًا في 2020، وكل ذلك بدأ من تلك الصفقة في 2017، التي غيّرت تاريخ النادي الإنجليزي الحديث.

المشروع الثاني يقوده الأسطورة محمد صلاح

عقب رحيل مايكل إدواردز عن منصبه في 2022، بدأ ليفربول يعاني من تذبذب في التخطيط الفني. تراجع الفريق تدريجيًا في نتائجه، وتقدّم بعض لاعبيه في السن، ومع نهاية موسم 2023-2024، قرر يورجن كلوب الرحيل، تاركًا فراغًا هائلًا.

عادت الإدارة إلى مايكل إدواردز قبل نهاية موسم كلوب، وهو الرجل الذي بنى الفريق سابقًا، ليقود عملية إعادة الهيكلة. ومن جديد، قرر إدواردز الرهان على مشروع طويل الأمد، مع مدرب آخر هو آرني سلوت.

محمد صلاح - ليفربول (المصدر:Gettyimages)
محمد صلاح – ليفربول

الإعلان عن عودة مايكل إدواردز جاء بعد تصريح كلوب برحيله بنهاية الموسم؛ حيث أعلن كلوب قراره في يناير، وفي مارس جاء الإعلان الرسمي عن عودة مهندس صفقات ليفربول.

لم تكن عودة إدواردز كمدير رياضي فحسب، بل بمنصب مدير عمليات كرة القدم بالكامل في النادي، وفي مجموعة فينواي الرياضية المالكة لليفربول.

ورغم الشائعات الكثيرة حول اقتراب صلاح من الرحيل إلى الدوري السعودي، تزامنًا مع أزمة تجديد عقده، قطع إدواردز الشكوك بتأكيد استمرار الفرعون المصري في ملعب أنفيلد.

وقّع محمد صلاح على عقد جديد حتى عام 2027، بعد المستوى المبهر الذي قدمه خلال موسم 2024-2025.

محمد صلاح - ليفربول - الحذاء الذهبي - أفضل صانع ألعاب
محمد صلاح – ليفربول – الحذاء الذهبي – أفضل صانع ألعاب (المصدر: Getty images)

ورغم أن ليفربول لم يُبرم أي صفقة خلال الصيف الماضي، إلا أن الفريق تُوّج ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، بفضل محمد صلاح، الذي ساهم بأكثر من 50% من الأهداف التي سجلها الفريق.

مع نهاية الموسم، بدأ ليفربول نشاطه في سوق الانتقالات، وقام بصفقات من العيار الثقيل، بضم ثنائي ليفركوزن جيريمي فريمبونج وفلوريان فيرتز، بالإضافة إلى جورجي ماماردشفيلي، الذي تم التعاقد معه في الصيف الماضي، وتركه معارًا لمدة موسم إلى فالنسيا، مع الاقتراب من حسم صفقة ميلوش كيركِز، لاعب بورنموث.

تأتي تلك الصفقات بعد رحيل ترينت ألكسندر أرنولد، واحتمالية مغادرة أندرو روبرتسون، بالإضافة إلى تعزيز الوسط الهجومي بلاعب يملك مواصفات صانع الألعاب.

محمد صلاح حجر الأساس

في المشروع الأول، انضم محمد صلاح إلى فريق يضم ساديو ماني وفيرمينو في الهجوم، وجوردان هندرسون في الوسط، ولكن مع مرور الوقت تغيّر كل شيء.

رحل ماني، ولحق به فيرمينو، وبينهما هندرسون، وفابينيو، ونابي كيتا، وتشامبرلين، وكلهم انضموا خلال فترة وجود محمد صلاح.

ومع ظهور أسماء جديدة مثل لويس دياز، وديوجو جوتا، وداروين نونيز، بقي محمد صلاح هو الثابت، رغم تغيّر شركائه في الهجوم.

وفي ثلاثية الوسط مع جرافنبيرخ، وسوبوسلاي، وماك أليستر، ظل محمد صلاح ثابتًا رغم رحيل هندرسون وفابينيو ونابي كيتا.

محمد صلاح - ليفربول - الدوري الإنجليزي
محمد صلاح – ليفربول – الدوري الإنجليزي (المصدر: Getty images)

تصريح محمد صلاح بأن موسم 2024-2025 هو الأفضل بالنسبة له، ربما يعود لهذه الأسباب، وليس للأرقام التي حققها فقط؛ بل كانت الأرقام دليلاً على تألقه، لا السبب الأساسي فيه.

في عمر الـ33 عامًا، قاد ليفربول للفوز بالدوري، قاد الفريق حرفيًا، لأن ما قدمه لم يكن سهلًا على الإطلاق، في ظل انشغاله بأمور التجديد، ورغم الحديث حول رحيله، وتقدّمه في العمر، وعدم التعاقد مع أي صفقة في الصيف الماضي باستثناء فيدريكو كييزا، الذي لم يشارك كثيرًا وكان بديلًا لمحمد صلاح.

كان موسمًا استثنائيًا حقًا للفرعون المصري، خاصة مع رحيل يورجن كلوب، وقدوم جهاز فني جديد؛ فالفريق كان يحتاج إلى لاعب يعرف “هوية ليفربول”، ويملك القدرة على توجيه الجيل الجديد، وكان محمد صلاح هو ذلك اللاعب.

في النهاية، يُمكن القول إن ما بين المشروع الأول الذي انطلق في 2017، والمشروع الجديد الذي يبدأ في 2025، ثمة خيط رفيع يربط الحقبتين… خيط ذهبي يُدعى محمد صلاح.

نادر شبانة

صحفي مصري منذ عام 2012، عملت بالعديد من القنوات التلفزيونية، أقوم بتقديم محتوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أهتم بكرة القدم العالمية والإيطالية بشكل أكبر، أجيد كتابة القصص في كرة القدم والتحليلات للمباريات، وترجمة الأخبار ومتابعة الأحداث لحظة بلحظة