“جائزة للاعب المتكامل أو الحاسم” هل نشهد جائزة باسم ميسي أو رونالدو في حفل الكرة الذهبية؟

في كل عام يحتفل العالم بالأفضل في العديد من الجوانب في كرة القدم العالمية، في حفل الكرة الذهبية الذي يُقام تحت أضواء مسرح “شاتليه” في العاصمة الفرنسية باريس، بتنظيم من مجلة فرانس فوتبول الفرنسية.
يتجمع نخبة عالم كرة القدم، من لاعبين، ومدربين، وأساطير معتزلين، ومسؤولين، وصحفيين، من الأجل الاحتفاء بمن سيفوزون بجوائز الأفضل في كرة القدم خلال العام.
الكاميرات تومض، والأناقة تملأ المكان، والنجوم الحاليون يسيرون على السجادة الحمراء، وكل منهم يحلم بلمس المجد، لكن في خضم هذا الحاضر البراق، تلوح أسماء نجوم الماضي العظيم في الأفق. لا تتردد أسماؤهم في الأحاديث الجانبية فحسب، بل تكتب بها أسماء الجوائز الذهبية التي تُقدَّم على المسرح.
في حفل الكرة الذهبية لا يُكرَّم اللاعبون والمدربون الحاليون فقط، بل تبقى أسماء النجوم السابقة خالدة في الأذهان، ويتم ذكرها عند تقديم كل جائزة.
أسماء مثل ليف ياشين، وريموند كوبا، ويوهان كرويف، وفيرينتس بوشكاش وسقراط جيرد مولر، جميعها تم تسمية جوائز بها، تقديرًا لتلك الأساطير التي تألقت في عالم الساحرة المستديرة، وحفرت اسمها في كتب التاريخ حتى بعد اعتزالها أو وفاتها.

هذا هو التكريم الأعلى في عالم الساحرة المستديرة، فالخلود لا يكتمل بمجرد الفوز بالألقاب، بل يتحقق عندما يصبح اسمك هو اللقب ذاته، وهذه هي النقلة النوعية من كونك مشارك في التاريخ إلى أن تصبح جزءًا أبديًا منه.
جوائز بأسماء الأساطير
جائزة ياشين لحراس المرمى
جائزة ياشين، التي تقدمها مجلة “فرانس فوتبول” منذ عام 2019، تُكرّم أفضل حارس مرمى في العالم أداءً خلال الموسم، وسميت على اسم الأسطورة ليف ياشين، حارس المرمى السوفيتي، الذي لعب لنادي دينامو موسكو حتى اعتزاله عام 1971.
لماذا ياشين؟ ليف ياشين هو حارس المرمى الوحيد في تاريخ كرة القدم الذي فاز بجائزة الكرة الذهبية، وذلك في عام 1963. هذا الإنجاز يجعله الرمز الأهم للتميز في مركز حراسة المرمى، وكان استحداث جائزة باسمه بمثابة خطوة لمنح حراس المرمى جائزة خاصة بهم، اعترافًا بدورهم الاستثنائي مع الفرق.
تأسست الجائزة في عام 2019، أي بعد 48 عامًا كاملة من اعتزال ياشين في عام 1971، وبعد 29 عامًا من وفاته في عام 1990.
جائزة كوبا للشباب
جائزة كوبا، التي استحدثتها “فرانس فوتبول” في عام 2018، تُمنح لأفضل لاعب في العالم تحت سن 21 عامًا، وسميت باسم ريموند كوبا لاعب الوسط المهاجم الفرنسي ذو الأصول البولندية، والذي عُرف بسرعته ومراوغاته الاستثنائية وقدرته على صناعة اللعب وتسجيل الأهداف، ولعب في صفوف ريمس الفرنسي وريال مدريد الإسباني، وفاز بالكرة الذهبية عام 1958، واعتزل اللعب في عام 1967.
ما يميز هذه الجائزة هو أن لجنة التحكيم تتألف حصريًا من الفائزين السابقين بجائزة الكرة الذهبية.
لماذا كوبا؟ كان ريموند كوبا أول لاعب فرنسي يفوز بالكرة الذهبية، مما يجعله رمزًا رائدًا في تاريخ اللعبة بفرنسا.
تم استحداث الجائزة في عام 2018، أي بعد 51 عامًا من اعتزال كوبا في 1967، وبعد عام واحد فقط من وفاته في 2017. هذا التكريم بعد الوفاة رسّخ اسمه في تاريخ اللعبة.
جائزة بوشكاش لأفضل هدف
جائزة بوشكاش، التي أسسها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في 20 أكتوبر 2009، تُمنح للاعب الذي يتم اختياره أنه سجل أفضل هدف في العام، وتم تسميتها باسم فيرينتس بوشكاش، المهاجم الأيقوني للمجر وريال مدريد.
لماذا بوشكاش؟ لم يكن بوشكاش مجرد هداف، بل كانت أهدافه أسطورية ومميزة بجمالها وقوتها. صرح رئيس الفيفا آنذاك، جوزيف بلاتر، أن الجائزة جاءت لتكريم ذكرى “رجل مميز” و”موهبة فذة”.

تأسست الجائزة في عام 2009، بعد 43 عامًا من اعتزال بوشكاش في عام 1966، وبعد ثلاث سنوات من وفاته في عام 2006.
جائزة كرويف لأفضل مدرب للرجال وللسيدات
جائزة يوهان كرويف، التي استحدثتها مجلة فرانس فوتبول حديثًا لتقدم لأول مرة في حفل الكرة الذهبية لعام 2024، تُمنح لأفضل مدرب للرجال ومدرب للسيدات خلال العام، وسميت باسم يوهان كرويف، الأيقونة الهولندية، الفائز بالكرة الذهبية ثلاث مرات (1971، 1973، 1974).
لماذا كرويف؟ ربما تكون هذه التسمية هي الأكثر دقة، فمع كونه لاعبًا استثنائيًا، فإن اسم كرويف أصبح مرادفًا لفلسفة كروية كاملة في التدريب، وقد غيّر طريقة التفكير في اللعبة وأسلوب لعبها من على مقاعد البدلاء. لذا، فإن تسمية جائزة أفضل مدرب باسمه هو تكريم لأهم تأثير له على كرة القدم.
تأسست الجائزة في عام 2024، أي بعد 40 عامًا من اعتزاله كلاعب في عام 1984، وبعد 8 سنوات من وفاته في عام 2016.
جائزة جيرد مولر لأفضل هداف
تُقدم جائز مولر من فرانس فوتبول منذ عام 2021 (كانت تسمى في البداية “جائزة مهاجم العام” قبل إعادة تسميتها في 2022)، وهي تكرم اللاعب صاحب أكبر عدد من الأهداف مع ناديه ومنتخبه الوطني في العام السابق، وسُميت على اسم أسطورة كرة القدم الألمانية جيرد مولر، الذي فاز بالكرة الذهبية عام 1970.

لماذا جيرد مولر؟ لأنه أحد أكثر الهدافين غزارة في التاريخ، وقد اعتزل عام 1982، وأعيد تسمية الجائزة تكريمًا له في 2022، بعد عام من وفاته و40 عامًا من اعتزاله.
جائزة سقراط لأفضل عمل إنساني
تُقدم جايزة سقراط من فرانس فوتبول منذ عام 2022، وهي تعترف بأفضل عمل إنساني يقوم به لاعب كرة قدم، وسُميت على اسم اللاعب والطبيب البرازيلي سقراط، الذي كان ناشطًا سياسيًا، وتم استحداثها من أجل تكريم التأثير الاجتماعي والضمير الإنساني للاعبين خارج الملعب.
لماذا سقراط؟ سقراط هو الرمز للاعب كرة القدم الذي يحمل قضية تتجاوز حدود المستطيل الأخضر، فهو أحد مؤسسي “ديمقراطية كورنثيانز”، وهي حركة عارضت الديكتاتورية العسكرية في البرازيل.
اعتزل سقراط عام 1989، وتأسست الجائزة في 2022، أي بعد 33 عامًا من توديعه المستطيل الأخضر.
الجوائز التي سميت بأسماء الأساطير:
اسم الجائزة | الأسطورة | الجهة المانحة | سنة التأسيس/التسمية | الغرض من الجائزة | المدة بين الاعتزال وتأسيس الجائزة |
جائزة ياشين | ليف ياشين | مجلة فرانس فوتبول | 2019 | أفضل حارس مرمى في العالم | 48 عامًا (اعتزل 1971) |
جائزة كوبا | ريموند كوبا | مجلة فرانس فوتبول | 2018 | أفضل لاعب في العالم تحت 21 عامًا | 51 عامًا (اعتزل 1967) |
جائزة بوشكاش | فيرينتس بوشكاش | الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) | 2009 | أجمل هدف في العام | 43 عامًا (اعتزل 1966) |
جائزة كرويف | يوهان كرويف | مجلة فرانس فوتبول | 2024 | أفضل مدرب للرجال وللسيدات في العالم | 40 عامًا (اعتزل كلاعب 1984) |
جائزة جيرد مولر | جيرد مولر | مجلة فرانس فوتبول | 2021 (أعيدت تسميتها 2022) | اللاعب الأكثر تسجيلًا للأهداف (للنادي والمنتخب) | 40 عامًا (اعتزل 1982) |
جائزة سقراط | سقراط | مجلة فرانس فوتبول | 2022 | أفضل عمل إنساني للاعب كرة قدم | 33 عامًا (اعتزل 1989) |
الوريثان المنتظران: إرث ميسي ورونالدو
بعد تسمية جوائز بأسماء كل تلك الأساطير يكون السؤال الأول الذي يتبادر إلى الأذهان هو “متى نرى جائزة باسم كريستيانو رونالدو أو ليونيل ميسي؟”
بناءً على الجوائز السابق ذكرها، والتي أظهرت فجوة زمنية تتراوح بين 30 و50 عامًا بين اعتزال الأسطورة وتأسيس جائزة باسمه، فمن غير المرجح أن نرى جوائز رسمية بأسماء ميسي ورونالدو قبل خمسينيات أو ستينيات القرن الحالي. هذه الفترة الزمنية الطويلة ضرورية، فهي تسمح لإرثهما بالترسخ والتحرر من الأحكام العاطفية المرافقة لمسيرتيهما، وتمنح الفرصة لجيل جديد من الإداريين والجماهير لتقديم هذا التكريم من منظور تاريخي أكثر حيادية.
جائزة ميسي: اللاعب المتكامل
تكمن عبقرية ليونيل ميسي الفريدة في كونه ليس مجرد هداف مثل مولر، أو صاحب أهداف جميلة مثل بوشكاش، بل هو منظومة هجومية متكاملة في لاعب واحد، فهو أفضل هداف، وصانع تمريرات حاسمة في التاريخ، وكذلك مراوغ لا مثيل له، ومايسترو يتحكم في إيقاع المباراة بأكملها، وبالتالي قيمته الكبيرة تكمن في التوليفة الكاملة بين كل هذه المهارات.

الاقتراح: “جائزة ليونيل ميسي للاعب المتكامل”
ستكون هذه الجائزة تكريماً للاعب الأكثر مساهمة في الأهداف على مدار العام، وذلك من خلال التهديف وصناعة الأهداف، وستكون هذه الجائزة التكريم الأنسب لمسيرة ليونيل ميسي، الذي تفوق في جميع جوانب كرة القدم. ميسي هو اللاعب الاستثنائي في تاريخ كرة القدم، حيث جمع بين جميع المهارات في لاعب واحد. لذلك، ينبغي ألا تقتصر الجائزة على مهارة واحدة أو جانب واحد من المهارات.
ستكون هذه جائزة لا تكافئ “أفضل لاعب” بشكل عام، بل القوة الهجومية الأكثر فعالية وتكاملًا. ستكون جائزة تعتمد على البيانات والإحصائيات أكثر من أي تصويت أو رأي.
جائزة رونالدو: الهداف في اللحظات الحاسمة
سمات كريستيانو رونالدو المميزة تتجاوز كونه الهداف التاريخي لكرة القدم، فإرثه يحتوي على العديد من الجوانب مثل تفوقه البدني الذي لا يضاهى (القفز، والسرعة)، وهيمنته في دوريات كبرى متعددة، وسمعته كلاعب حاسم في اللحظات الكبرى، يسجل الأهداف المصيرية في أكبر المباريات.

الاقتراح: “جائزة كريستيانو رونالدو للهداف الأكثر حسمًا”
ستكون هذه جائزة لا تعترف بكمية الأهداف فحسب، بل بقيمتها وسياقها وصعوبتها وأهميتها، ستحتفي باللاعب الذي يقدم أفضل أداء تحت أقصى درجات الضغط، في المباريات الحاسمة بالتحديد وليس في جميع أنواع المباريات.
سيتم احتسابها بداية من الدور ربع النهائي في كل البطولات المحلية والقارية، مع وجود نقاط أعلى للأهداف في المسابقات القارية، وكذلك قد يتم احتساب الأهداف في الدوريات المحلية ولكن بنقاط أقل.
نظام النقاط سيكون تصاعديًا، حيث يكون الهدف في المباريات النهائية بنقاط أعلى من الهدف في ربع النهائي على سبيل المثال.
كذلك قد يتم وضع نقاط إضافية للأهداف التي يتم تسجيلها في الدقائق الأخيرة من المباريات ربما آخر 10 دقائق على سبيل المثال.
اسم الجائزة المقترح | الأسطورة | الغرض من الجائزة | معايير الاختيار المقترحة |
جائزة ليونيل ميسي للاعب المتكامل | ليونيل ميسي | تكريم اللاعب الأكثر تأثيرًا وتكاملًا في الهجوم، والذي يجمع بين التسجيل والصناعة. | نظام نقاط يعتمد على مجموع (الأهداف + التمريرات الحاسمة). |
جائزة كريستيانو رونالدو للهداف الحاسم | كريستيانو رونالدو | تكريم الهداف الأكثر حسماً، الذي يسجل الأهداف الحاسمة في المباريات الكبرى وتحت الضغط الكبير. | نظام نقاط يٌحتسب فيه كل هدف بناءً على أهمية المباراة والبطولة وتوقيت الهدف. |
في الختام، يتضح أن الجوائز لا تُسمى بأسماء اللاعبين لمجرد أنهم كانوا عظماء، بل لأنهم أحدثوا ثورة في جانب معين من اللعبة. الجائزتين المقترحتين لميسي ورونالدو تتناسبان تمامًا مع هذا الفكر. فهما لا تكرمان ميسي ورونالدو كلاعبين بالمعنى العام، بل تقومان تخليد نوعين محددين ومختلفين من العبقرية التي جعلت كلًا منهما أيقونة لجيل كامل. وعندما يحين الوقت، سيكون تكريمهما في صورة جوائز خالدة هو الفصل الأخير في قصة الحقبة التي هيمنوا عليها بشكل مطلق، ليأخذوا مكانهم الطبيعي في قمة تاريخ كرة القدم.