أخبار ريال مدريد اليومألكسندر أرنولدتقارير ومقالات خاصة365TOP

ريال مدريد 1-0 يوفنتوس .. على الجميع أن يخشى تشابي ألونسو

لا نعلم إن كان بإمكاننا احتساب هذه البطولة من ضمن الموسم أم لا، ولكن ما نعلمه صدقًا، أن هناك شئ ما يحدث في ريال مدريد منذ وصول ألونسو، لا زال من المبكر الحكم على هذا الشئ قطعًا، ولكن هذا لا يمنع من وجود بعض الشذرات التي تنبئ بمستقبل يبدو مختلفًا عن ماضي أنشيلوتي الغير المفهوم، فترة أنشيلوتي هي من أكثر الفترات المربكة بالنسبة لأي كاتب أو صحفي أو محلل، لأن كل الأمور كانت ساكنة، ولا جديد تحت الشمس، أما اليوم، فهناك شئ يتحلحل من مكانه، عامةً، لقد فاز ريال مدريد على يوفنتوس في دور الـ 16 من كأس العالم للأندية، ونحن هنا للحديث عن المباراة.

عودة الابن الضال

بينما يتطلع ألونسو إلى فرض أفكاره التكتيكية على فريقه الجديد ريال مدريد، لم يجد مناصًا من التحول إلى تشكيلته المفضلة 3-4-3 والتي كانت سمة بارزة في المباراة السابقة ضد ريد بول سالزبورج، لم يشهد التشكيل الأساسي ضد يوفنتوس أي تغيير، حيث عاد أوريليان تشواميني إلى قلب الدفاع، وبينما لا يزال التشكيل الجديد قيد التجربة، إلا أن هناك بعض العيوب التي تحتاج إلى بعض المعالجة.

في مواجهة خطة يوفنتوس الدفاعية المُتماسكة (5-3-2)، كانت هناك أوقاتٌ تمكّن فيها ثلاثي دفاع مدريد من تمرير الكرة بكفاءة دون أي ضغط من فريق إيجور تيودور، وكأنهم في حجز خماسي، بل على العكس، لم تكن هناك حاجةٌ للاعبٍ إضافيٍّ في الخلف.

ولكن عندما بدأت الكرة في الانتقال إلى الثلث الثاني من الملعب، بدأت الأزمات، إذ كان يوفنتوس قادرًا على الضغط بعرض الملعب، ورغم ذلك، لم تستمر تلك الأزمة كثيرًا، فمع اقتراب نهاية الشوط الأول، حلّ تشواميني هذه المشكلة بالتقدم نحو خط الوسط، بعد تعليمات من ألونسو طبعًا، كيف عرفنا ذلك؟ أحد التفاصيل الدقيقة التي علمنا إياها شيوخ المهنة، هو أن تعيد مشاهدة المباراة مرتين، المرة الأولى لرصد شكل الفريق دفاعًا هجومًا، والمرة الثانية لتثبيت الكادر على حركات يد المدرب تجاه اللاعبين، وتعليمات اللاعبين لبعضهم البعض.

وفي الدقيقة 35 تقريبًا من الشوط الأول، أظهرت الكاميرا ارتباكًا واضحًا لدى تشابي ألونسو، مع ظهور جاب كبير في تمركز اللاعبين أثناء (الدفاع الوقائي)، قطع لاعبو يوفنتوس الكرة، ومرروها طوليًا، ولم تمر ثوان قليلة، حتى أعيدت الكرة مرة أخرى إلى تشاوميني، الذي حملها وانطلق إلى منتصف الملعب، ليضرب بذلك عصفورين بحجر، فمن جهة فاجئ لاعبو يوفنتوس بوجود متغير جديد خارج السياق المعتاد، ومن جهة ساعد في سد الثغرة، ولذلك لم تكن تلك هي أزمة مدريد الرئيسية.

الأزمة الرئيسية ظهرت عندما تنتقل الكرة سواء من تشاوميني أو أي لاعب آخر إلى منتصف ملعب يوفنتوس، حيث عانى خط وسط مدريد الثلاثي من ضغط كبير أمام دفاع يوفنتوس الخماسي، ولم يجد أي لاعب، بمن فيهم كينان يلديز، أي مساحات بين الخطوط، ما أدى بريال مدريد في كثير من الأحيان إلى لاعب يتقدم من خط الدفاع لمهاجمة خط وسط يوفنتوس، وحاول أنطونيو روديجر القيام بذلك الدور، دون نجاح يذكر، وحاول أرنولد أيضًا مهاجة المساحة في ظهر المدافعين، ولاقى بعض النجاح، ولكنه لم يكن على القدر المطلوب حتى النهاية.

 

 
 
 
 
 
عرض هذا المنشور على Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎365Scoresarabic‎‏ (@‏‎365scoresarabic‎‏)‎‏

معضلة ألكسندر أرنولد

من الواضح أن ترينت ألكسندر أرنولد سيحتاج إلى بعض الوقت للتأقلم مع اللعب لنادٍ جديد، وربما في مركز جديد أيضًا، فإذا اختار مدرب ألونسو الاعتماد على ثلاثة لاعبين في خط الدفاع، كما حدث ضد يوفنتوس، فسيجد أرنولد نفسه في مركز الظهير، وهو ما سيمثل نقلة نوعية تحتاج إلى بعض التمرين، خاصة وأن أرنولد ليس لاعبًا شموليًا، بمعنى أنه جيد جدًا في العرضيات والتمرير القطري بطريقة ليس لها مثيل، ولكنه على الطرف المقابل لديه مشاكل واضحة في مهاجمة المساحة أو حمل الكرة، وأي ضغط عليه يضعه في حيرة كبيرة، لأنه ببساطة، ليس جيدًا في المواجهات الفردية.

كما حدث ضد يوفنتوس، إذ بدا معزولًا وحائرًا في كثير من الأحيان على الطرف الأيمن، قد يناسب هذا الأمر بعض الأظهرة، ولكن من المشكوك فيه هو مدى تأثير البقاء على الطرف على نقاط قوة أرنولد، الذي أمضى معظم فترات المباراة في تمرير الكرة إلى الخلف، كما توضح خرائط التمريرات، دون أخذ زمام المبادرة، ربما تأثرت ثقته بلقطة حدثت في الدقيقة السابعة، عندما فقد الكرة على حافة منطقة جزاء يوفنتوس بعد محاولته التوغل داخل المنطقة، وبعدها مباشرةً أهدر راندال كولو مواني فرصة ذهبية للتقدم ليوفنتوس.

ومن بعدها بدا الارتباك واضحًا في لغة جسده، كأنه عازفٌ أُجبر على عزف مقطوعةٍ لا يعرف إيقاعها. مهاراته الفريدة في التمريرات القطرية والعرضيات الدقيقة، التي صنعت مجده في الدوري الإنجليزي، تحوّلت إلى أداةٍ غير قابلةٍ للاستخدام في مساحةٍ ضيقة، بينما تعرّي نقاط ضعفه: عجزه عن مهاجمة المساحات بالكرة أو تفكيك الضغط بمراوغة بسيطة، هنا يصبح السؤال: كيف تُوظّف سكينًا طبيًا لقطع الخشب؟

والأرقامُ كشفت هذا التناقضَ الصارخ: 58 تمريرة منها 52 صحيحة، بنسبة نجاح 90%، ولكن 78% منها كانت تمريرات أفقية أو إلى الخلف، وصفر مراوغات ناجحة، ومرةً واحدةً فقط حاول المراوغة، هذه الإحصائيات ليست ضعفًا تقنيًا، بل هي أعراضٌ لصراعٍ بين فلسفته الكروية ومتطلبات المركز الجديد، زالحلُّ قد لا يكون في “إصلاح” أرنولد، بل في إعادة تصميم القفص الذهبي حوله.

وإذا أصر ألونسو على خط الدفاع الثلاثي، فربما يحتاج إلى: مُساعد تكتيكي بجانبه كلاعب وسط ينساب لليمين في مرحلة الـ (progression) لتعويض عدم شموليته، وربما يمكن تحويل دوره إلى “صانع لعب عميق” كبديلٍ عن الظهير التقليدي، مستفيدًا من تمريراته الطويلة في إطلاق الهجمات المرتدة، وأيضًا منحه حرية في التمركز الداخلي عند الاستحواذ، بدلًا من حصره على الخط، وبناءً على مدى تطور دور ألونسو تحديدًا، ستتضح الكثير من الأشياء لدى ألونسو، وكيفية إدارته وتعامله مع النجوم، خاصةً وأن الصفقات في مدريد، لا تأتي بناءً على طلب المدرب، بل بناءً على رغبة شخصية من بيريز.

 

 
 
 
 
 
عرض هذا المنشور على Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎365Scoresarabic‎‏ (@‏‎365scoresarabic‎‏)‎‏

الدفاع حتى الموت

هذا سيأخذنا إلى الطرف الآخر من المسألة، لماذا ازداد شعور أرنولد بالخنقة والارتباك في تلك المباراة تحديدًا؟ لأن فريق إيجور تيودور كان مثيراً للإعجاب في انضباطه الدفاعي، لعب يوفنتوس بطريقة 5-3-2 المدمجة، وحرص على توفير المساحات في المناطق الوسطى من الملعب، وأجبر ريال مدريد على لعب الكرة بسرعة.

وعندما تم اختراقه خط دفاعه للمرة الأولى، كان دي جريجوريو عنيدًا في إحباط المزيد من الهجمات، حيث تصدى لـ11 تسديدة من أصل 12 تسديدة، وهو أكبر عدد من التصديات في مبارياته الأربع في المسابقة.

تصدياته الأسطورية ضد بيلينجهام من مسافة مترين (الدقيقة 27)، وفيدريكو فالفيردي في الدقيقة 60، كانت ضرباتٍ نفسيةً محطمة لأعصاب مهاجمي الريال، هذه “العقلية الحديدية” التي تحدث عنها بارزالي لاعب يوفنتوس السابق، تحولت وانصهرت في بوتقة الجيل الجديد، وكسرت إيقاع ريال مدريد، وحوّلت كل خطأ دفاعي ليوفنتوس إلى فرصةٍ ذهبية للمرتدات السريعةٍ عبر كينان يلديز وكولو مواني وفرانسيسكو كونسيساو، مما جعل أرنولد عالقًا بين مطرقة الدفاع وسندان الهجمات المرتدة.

الشيء الأكثر اثارة هنا أن كل تلك التفاصيل هي عن يوفنتوس بلا كرة، أما عندما تنتقل له الكرة، فيمكننا تقسيم الجيم إلى ثلاث مراحل، بشكل مخل بعض الشئ طبعًا:

مرحلة بناء اللعب (Build-up Phase): عانى يوفنتوس في بناء اللعب من الخلف تحت الضغط العالي لريال مدريد، غالبًا ما اضطر الحارس دي جريجوريو أو قلبي الدفاع لإرسال كرات طولية لتجاوز الضغط، مما قلل من نسبة الاستحواذ لديهم وأعطاهم صعوبة في فرض إيقاعهم، (42% استحواذ فقط).

مرحلة التقدم بالكرة (Progression Phase): عندما استعاد يوفنتوس الكرة، حاول الاعتماد على التمريرات السريعة والمباشرة للأمام، كان دور أجنحة مثل كونسيساو، ومهاجم مثل كولو مواني، حاسمًا في محاولة الانطلاق بالكرة بسرعة نحو منطقة ريال مدريد لخلق فرص عكسية. لكن قلة الدعم من خط الوسط أدت إلى عزل هؤلاء اللاعبين في بعض الأحيان.

الثلث الأخير (Final Third): كانت محاولات يوفنتوس في الثلث الأخير محدودة للغاية (تسديدتان فقط على المرمى)، ربما ركزوا على استغلال المساحات التي يتركها ريال مدريد خلف ظهيري الجنب، أو محاولة الاختراق الفردي، كما افتقر الفريق إلى اللمسة الأخيرة والدقة في التمريرات الحاسمة أمام مرمى كورتوا، مما أدى إلى تبديد الفرص القليلة التي أتيحت لهم.

وهذا يعني أن الفريق أجاد بشكل ممتاز في مرحلة واحدة فقط من مراحل اللعب بدون الكرة، أما باقي المراحل فتتأرجح بين جيد وجيد جدًا، هذا بدون الكرة، أما مع الكرة فتتأرجح بين جيد ومقبول، وضعيف جدًا في مرحلة البناء، نجح يوفنتوس في تحويل الكثير من هجمات الخصم إلى الأطراف، ودقة التمريرات العرضية داخل الصندوق كان لها الدفاع بالمرصاد، هذه الفجوة البسيطة تكشف أن المشروع الدفاعي لا يزال في منتصف الطريق: براعةٌ استثنائية في صنع الأزمات، لكنّ الحلول التامة لها بعد قطع الكرة لم تكتمل بعد.

لم تكن الهزيمة أمام السيتي (5-2) نهاية الطريق لتيودور، بل حجر الزاوية في مشروعه التكتيكي الجديد. المدرب الكرواتي (47 عامًا)، الذي أجرى ٦ تغييرات جذرية على تشكيلة يوفنتوس بعد تلك المباراة، يعتبر الخسائر “وقودًا لإعادة التشكيل”، فلسفةٌ تجسّدت في تعامله مع الخسارة كمختبرٍ لتحديد الثغرات واختبار البدائل، تغييراته لم تكن عشوائيةً، بل خطواتٌ مدروسةٌ نحو بناء فريقٍ أكثر مرونةً في مواجهة فرق “الجيجن برسينج”.


الهزائم جزء من اللعبة والحياة، وعليك تقبّلها وتجاوزها، لتكون درسًا لك لتنمو، قد لا تتجاوز الفرق الهزام التاريخية بسهولة، ولكن في حالتنا تلك، فقد حوّل الرجل الإخفاق إلى خريطة طريق، وبدلًا من الانكماش، شنّ هجومًا استباقيًا أعاد خلاله تنشيط أدوار كينان يلديز الهجومية، ودمج كولو مواني في خط الوسط، وثبّت روجاني قائدًا لدفاع ثلاثي الأبعاد.

والنتيجة؟ تحوّل يوفنتوس من فريقٍ منهزمٍ بنتيجة تاريخية تستدعي إقالته إلى آلةٍ دفاعيةٍ صمدت أمام ريال مدريد الجبروت، ظل فريقًا مهزومًا أيضًا، ولكن بفروق تكتيكية طفيفة للغاية ستتحسن لا محالة في المستقبل، المفارقة التاريخية هنا تكمن في تحوّل “كابوس السيتي” إلى نقطة تحوّل، فمن رحم الهزيمة الثقيلة، ولد يوفنتوس الأكثر قسوةً وانضباطًا.

فريقٌ قلّص أخطاءه الدفاعية بنسبة 40%، وزاد دقة التمرير في الثلث الهجومي إلى 86%، فلو كان هجوم مدريد حائرًا أمام هذا الجدار الدفاعي، فلأنه واجه نسخةً معدّلةً جينيًا من يوفنتوس، وُلدت من رحم الهزيمة واكتسبت قوتها من دروسها، هذه القفزة النوعية تجعل مستقبل يوفنتوس تحت قيادة تيودور أكثر إشراقًا من أي وقتٍ مضى، دليلٌ أن بعض الهزائم ليست سوى محطات عبور، ولذلك ستكون خطة يوفنتوس هي الاستفادة من الهزيمة، لتحسين مركزه الرابع في الدوري الإيطالي، والتقدم بقوة نحو لقب السكوديتو الموسم المقبل.

محمود ليالي

كاتب وصحفي رياضي مصري من مواليد 1999، مهتم بالتحليل الرياضي خاصة الكروي، والجوانب الاحصائية والتكتيكية والخططية المتعلقة به، بالإضافة لمساحات الالتماس مع الاجتماع والسياسة والحياة، كتب لعدة مواقع مصرية وعربية مثل الجزيرة نت وميدان ورصيف22 ومواطن وألترا صوت، وشاعر صدر له ديوان "البقايا" عام ٢٠٢٣.