الدوري الإنجليزيفلوريان فيرتزتقارير ومقالات خاصةكرة القدم الألمانية
الأكثر تداولًا

فلوريان فيرتز.. نجم ليفربول الجديد يتفوق على رونالدو ويقترب من ميسي بهدوء العظماء

أعلن نادي ليفربول الإنجليزي عن التوقيع الرسمي مع النجم الشاب فلوريان فيرتز، نجم باير ليفركوزن والكرة الألمانية، في واحدة من أبرز صفقات الانتقالات في السنوات الأخيرة. سيكون فيرتز إضافة قوية لخط هجوم ليفربول، ليس فقط لأنه أحد أفضل المواهب الصاعدة في أوروبا، بل لأنه قادم من موسمين مذهلين قاد في أحدهما ليفركوزن لتحقيق الثلاثية المحلية والتربع على عرش الكرة الألمانية.

بعمر 22 عامًا فقط، أصبح فيرتز العقل المدبر لهجوم ليفركوزن، وحصد جائزة أفضل لاعب في الدوري الألماني موسم 2023–2024، متفوقًا على نجم بحجم هاري كين.

لكن كيف يُقارن فيرتز بأساطير كرة القدم عند نفس العمر؟ وهل نحن أمام مشروع لاعب بمكانة ميسي أو رونالدو أو نيمار؟ الأرقام تجيب.

فيرتز في سن 22: لغة الأرقام لا تكذب

عندما أتم فيرتز ال22 من عمره يوم 3 مايو 2025، كانت أرقامه كالتالي:

عدد مباريات فيرتز223
الأهداف62
التمريرات الحاسمة71
مجموع المساهمات133
معدل المساهمات التهديفية لكل مباراة0.6 مساهمة لكل مباراة

في ذكرى ميلاده الثانية والعشرين، لم يكن فلوريان فيرتز مجرد موهبة ألمانية واعدة تتسلل بهدوء إلى مشهد كرة القدم العالمية، بل كان قد فرض اسمه فعليًا ضمن أبرز صانعي اللعب على مستوى القارة العجوز. برصيد 223 مباراة في مختلف البطولات، و133 مساهمة تهديفية بين صناعة وتسجيل، قدم فيرتز أرقامًا لا تعبّر فقط عن استمرارية أو حضور، بل عن تأثير مباشر ومتكرر في كل محطة لعب فيها.

ما يلفت النظر أكثر هو أن معدل تمريراته الحاسمة تجاوز 0.6 تمريرة حاسمة في كل مباراة، رقم يُعد نادرًا في هذه السن، بل ويعكس قدرة لاعب يسبق عمره من حيث النضج الفني والتأثير. وفي حين ينضج أغلب لاعبي الوسط المهاجم بعد سن الرابعة والعشرين، كان فيرتز في عمر 21 فقط يتألق ويحقق أرقامًا تهديفية تتفوق على أقرانه في مثل عمره.

فلوريان فيرتز - ليفربول
فلوريان فيرتز – ليفربول

فيرتز لا يركض كثيرًا خلف الأضواء، لكن أرقامه تفعل ذلك نيابةً عنه، ومع كل هذه المؤشرات، فإن ما حققه حتى الآن ليس مجرد بداية مبشّرة، بل دليل قاطع على أنه وُلد ليكون في الصفوف الأولى، ضمن نخبة من اللاعبين الذين لا تُقاس مسيرتهم بعدد السنوات، بل بما صنعوه فيها.

أين يتواجد فيرتز بين نجوم كرة القدم عندما كانوا في مثل عمره؟

فيما يلي مقارنة فيرتز بخمسة من أساطير الكرة الحديثة عندما كانوا في عمره (22 عامًا)، مع مراعاة فارق الدور والمركز، والأندية التي لعبوا لها في هذا العمر:

اللاعبعدد المبارياتالأهدافالتمريرات الحاسمةمجموع المساهمات التهديفيةمعدل المساهمات التهديفية لكل مباراة
فلوريان فيرتز22362711330.60 مساهمة تهديفية لكل مباراة
كريستيانو رونالدو24262441060.44 مساهمة تهديفية لكل مباراة
ليونيل ميسي20092461380.69 مساهمة تهديفية لكل مباراة
نيمار297174972710.91 مساهمة تهديفية لكل مباراة
إيرلينج هالاند203155331880.93 مساهمة تهديفية لكل مباراة

من النظرة الأولى، قد تبدو أرقام نيمار وإيرلينج هالاند في سن الثانية والعشرين أكثر بريقًا، بل وربما تفوق فلوريان فيرتز بمراحل. كلاهما حقق أرقام تهديفية مرعبة بلا شك، حيث يقتربان من معدل مساهمة تهديفية واحدة في كل مباراة. لكن الحقيقة أن هذه الأرقام، رغم قوتها، لا يمكن أن تُقرأ بمعزل عن السياق.

الأرقام وحدها لا تكفي

نيمار: بيئة هجومية ناعمة

نيمار بدأ مشواره مع سانتوس في الدوري البرازيلي، دوري يتميّز بالمساحات المفتوحة والمستويات المتباينة دفاعيًا، مما يمنح المهاجمين حريّة أكبر وأرقامًا تضخمية مقارنةً باللعب في الدوريات الأوروبية الكبرى. أكثر من نصف مساهماته جاءت في هذه البيئة، قبل أن ينتقل إلى برشلونة الإسباني وهو لاعب ناضج هجوميًا بالفعل، لا لاعب يتعلّم في أحد أعلى مستويات كرة القدم العالمية كما فعل فيرتز في الدوري الألماني.

هالاند: قناص لا يصنع

أما هالاند، فهو ماكينة أهداف بلا توقف، لكن مركزه الصريح كرأس حربة كلاسيكي، جعل مهمته الأساسية دائمًا هي التسجيل. يتحرك أقل خارج منطقة الجزاء، ولا يُطلب منه بناء اللعب أو التمركز بين الخطوط أو صناعة الفرص لزملائه، كما هو حال فيرتز الذي يعمل كموزّع وصانع لعب في الثلث الأخير من الملعب. أي أن أرقام هالاند التهديفية الكبيرة مميزة وقوية لكن ساهمت فيها بعض الشئ وظيفته الأساسية كمهاجم، بينما أرقام فيرتز أكثر توازنًا وعمقًا؛ فهو يسجّل ويصنع ويؤثر في اللعب الجماعي.

كريستيانو رونالدو: فيرتز يتفوق

عند النظر إلى مقارنة فلوريان فيرتز بكريستيانو رونالدو في سن الثانية والعشرين، قد يندهش البعض من التفوّق الرقمي الواضح لصالح النجم الألماني. فيرتز يملك معدل مساهمات تهديفية يبلغ 0.6 في كل مباراة، مقابل 0.44 فقط لرونالدو في نفس المرحلة، لكن ما يكشفه هذا الفرق يتجاوز مجرد الأرقام، ليصل إلى طبيعة المسيرة الكروية لكل لاعب.

رونالدو، في تلك المرحلة من مسيرته، لم يكن بعد هدافًا مرعبًا كما نعرفه اليوم. بل كان جناحًا استعراضيًا يركّز على المهارة الفردية والمراوغة أكثر من تسجيل الأهداف. في مانشستر يونايتد الإنجليزي، كان في طور الجناح الحر قبل أن يتحول إلى ماكينة تهديفية لاحقًا مع ريال مدريد الإسباني.

كم عدد اللاعبين البرتغاليين الذين لعبوا لـ مانشستر يونايتد؟
كريستيانو رونالدو – لويس ناني – مانشستر يونايتد (المصدر:Gettyimages)

في المقابل، فيرتز لم يحتج إلى سنوات طويلة لصقل أدواره أو البحث عن هويته الكروية. فهو هو لاعب محوري ومباشر التأثير على النتائج، يتقن التمريرة الحاسمة كما يتقن اللمسة الأخيرة. أرقامه العالية في الصناعة (71 تمريرة حاسمة حتى الآن) تؤكد أنه لاعب “فريق”، لكنه لا يمانع أن يكون “رجل الحسم” حين يتطلّب الأمر.

وربما المفارقة الأكبر هي أن فيرتز لم يتخصص في مركز هجومي خالص، بل يؤدي أدوارًا مركبة بين صانع اللعب والمهاجم المتأخر والجناح أحيانًا، ومع ذلك تفوّق رقميًا على لاعب كرّس كل مجهوداته للثلث الأخير من الملعب.

ليونيل ميسي: فيرتز ينافس بقوة

رغم أن المقارنة مع ليونيل ميسي تُعد من أصعب التحديات لأي لاعب، إلا أن فيرتز لا يبدو بعيدًا عن الساحة. حتى بلوغه عامه الثاني والعشرين، كان معدل مساهمات ميسي التهديفية 0.69 في المباراة، مقابل 0.60 لفيرتز، أي أن الفارق لا يتجاوز تسعة أعشار المساهمة، وهو فارق ضئيل بالنظر للفارق في البيئة المحيطة.

ميسي، منذ ظهوره في برشلونة الإسباني، وجد نفسه محاطًا بنجوم من الطراز العالمي، مثل رونالدينيو وإيتو وديكو، ثم دخل تحت قيادة جوارديولا إلى حقبة ذهبية رفقة تشافي وإنيستا. كانت تلك الفترة مليئة بالاستقرار الفني والتكتيكي، ولعب فيها ميسي ضمن مشروع مكتمل المعالم، قاد برشلونة لتحقيق السداسية التاريخية قبل أن يتم عامه الـ22.

هاتريك ليونيل ميسي ضد ريال مدريد
رونالدينيو – ليونيل ميسي – برشلونة (المصدر:Gettyimages)

في المقابل، فيرتز نشأ في فريق لا يحمل تلك الخلفية الأسطورية. باير ليفركوزن لم يكن مرشحًا لأي لقب كبير منذ بداية الألفية، واحتاج إلى بناء طويل وصبر حتى يصل للقمة. لم يكن الألماني الشاب محاطًا بنجوم الصف الأول، ولم يدرّبه مدرب بثقل جوارديولا، — وإن كان تشابي ألونسو مدرب مميز أثبت جدارته خلال السنوات الأخيرة، — بل شارك في مشروع قيد التكوين، ومع ذلك قاد الفريق للفوز بأول لقب دوري في تاريخه، إلى جانب كأس ألمانيا والسوبر الألماني.

ومع أن ميسي كان يعمل في ظروف أفضل، فإن فيرتز تمكّن من الحفاظ على معدل تهديفي يضعه في خانة المقارنة مع أحد أعظم من لمس الكرة، والأهم أن اللاعب الألماني لا يزال في مرحلة ما قبل الذروة، وهو ما يجعل مستقبله مفتوحًا على احتمالات مذهلة، إذا واصل النضج والتطور بنفس المعدل.

هل فيرتز هو صفقة الموسم في أوروبا؟

من المرجح أن يُبنى حول فيرتز مشروع هجومي جديد في ليفربول مع المدرب أرني سلوت، حيث سيُمنح فيرتز حرية التحرك بين الخطوط وصناعة اللعب. ومع عناصر هجومية مثل محمد صلاح، وديوجو جوتا، ولويس دياز، قد يتحول فيرتز إلى المحور الفني وضابط الإيقاع للفريق لعشر سنوات قادمة.

فلوريان فيرتز ليس مجرد صفقة ناجحة، بل هو استثمار في الحاضر والمستقبل. موهبته تؤهله ليكون ضمن الأفضل في العالم، ولو استمر بنفس النسق، ربما نرى فيرتز قريبًا ينافس على الكرة الذهبية.

هو ليس ميسي، ولا رونالدو، لكنه يمشي على طريق قد لا يختلف كثيرًا، فيرتز لم يحتج إلى صخب إعلامي ولا ضجيج صفقات كبرى ليعلن نفسه ضمن نخبة الجيل الجديد. أرقامه تتحدث، وهدوؤه داخل الملعب لا يقل قوة عن هدير الجماهير.

في وقتٍ أصبح فيه التألق مقترنًا بالإبهار الفردي، يقدّم فيرتز نسخة ناضجة من اللاعب الجماعي؛ الذي لا يسجّل فقط، بل يجعل من حوله أفضل، ومع انتقاله إلى ليفربول، يدخل تحديًا جديدًا في دوري أكثر صعوبة، وتحت ضغط أكبر، وبين جمهور لا يتوقف عن التشجيع.

ربما لا يمتلك فيرتز اليوم أضواء رونالدو أو وهج ميسي، لكن إن استمر بهذا الإيقاع، وبنفس الهدوء القاتل، فقد نكون بصدد كتابة فصل جديد في كتاب الأساطير، فصل يبدأ من ليفركوزن، ويواصل التميز في ليفربول.

حسام أحمد

صحفي رياضي مصري متخصص في كرة القدم، أتمتع بخبرة في تغطية المباريات وصناعة القصص الصحفية المميزة. أجريت عددًا كبيرًا من الحوارات مع شخصيات كروية محليًا وعالميًا، وقدمت العديد من الأخبار الحصرية المتعلقة بكرة القدم حول العالم.