لوكا مودريتش.. غفران متأخر عن خطيئة بيرلو في ميلان

لا شك أن كل شيء يتغيّر مع مرور الوقت، وكذلك ميلان، الذي كان قراره في 2011 متناقضًا تمامًا مع الذي اتخذه في 2025.
صفقة لوكا مودريتش إلى ميلان، والتي أوشكت على الإعلان الرسمي، ربما تكون قد أيقظت شبح القرار الذي غيّر وجه الكرة الإيطالية في العقد الأخير وأكثر.
ميلان، مع عودة أليجري، اتخذ قرارًا متناقضًا تمامًا مع الذي تم اتخاذه في مايو 2011، عندما قرر النادي الإيطالي عدم تجديد عقد أندريا بيرلو.
أصبح لوكا مودريتش على أعتاب توقيع عقد جديد مع ميلان، بعد 13 عامًا مع ريال مدريد، حقق خلالها كل البطولات الممكنة التي شارك فيها الكرواتي.
أفضل لاعب في العالم 2018، كان أحد أبرز اللاعبين في النادي الملكي خلال فترة وجوده، ولكن مع تقدمه في العمر، خرج من حسابات المدرب الجديد تشابي ألونسو.
ميلان، في خطوة مفاجئة، حسم التعاقد مع مودريتش، والإعلان الرسمي بات قريبًا للغاية، ولكن هذا القرار يُعيد إلى الأذهان ما حدث في 2011.
عاجل 🚨🚨 الصحفي دي مارزيو 🗣
ميلان واثق من إتمام تعاقده مع لوكا مودريتش وغدًا قد يتم الاعلان الرسمي عن الصفقة 🤯⚫️🔴#ميلان #مودريتش #ريال_مدريد #365ScoresArabic pic.twitter.com/NHeo8Jf1JE— 365Scores Arabic (@365scoresarabic) June 3, 2025
ميلان يُريدك يا بيرلو!
في 18 مايو 2011، أعلن أندريا بيرلو في بيان رسمي رحيله عن ميلان، بعدما فشل في التوصل إلى اتفاق مع جالياني، المدير الرياضي، بشأن تجديد عقده.
10 سنوات قضاها بيرلو وحقق خلالها جميع الألقاب الممكنة، ليقرر حينها الرحيل، ويكشف بعد ذلك عن أسباب قراره.
في 2006، وبعد فضيحة الكالتشيو بولي، كان المستقبل ضبابيًا، وحينها اتصل فابيو كابيلو بأندريا بيرلو، بطل العالم، وطلب منه الانضمام إلى ريال مدريد.
في كتابه، قال بيرلو: “عندما كان يقول لي أحدهم صباح الخير، كنت أرد عليه بالإسبانية، لأنني تخيلت نفسي بقميص ريال مدريد”.
“لم أتوقع اللعب في الدرجة الثانية مع أي فريق، لأنني لن أتحمل أخطاء الآخرين. انتظرت مكالمة وكيلي، لكنه أخبرني بالمقابلة في ميلانو، وليست مدريد”.
“ذهبت ووجدت جالياني يخبرني بأنني لن أرحل، وقام بوضع عقد أمامي لمدة 5 سنوات، وأخبرني أن أوقع بالراتب الذي أريده، وقال لي: (ميلان يُريدك يا بيرلو)”.
“في نهاية ذلك الموسم، توجت ببطولة دوري أبطال أوروبا في أثينا ضد ليفربول، بعد عامين من الخسارة أمامهم، كانت نهاية سعيدة لبداية حزينة”.
“بعد 3 سنوات، تكرر الأمر. وبعد مباراة ودية أمام برشلونة، أخبرني أحد الأصدقاء المقربين من بيب أنه يُريد التحدث معي. ذهبت وأخبرني أنه يريدني في برشلونة، رغم أن ميلان يرفض”.
“عندما بدأت التحدث مع ميلان، أخبرني جالياني أنني لن أرحل، وسأستمر حتى نهاية عقدي، رغم أنني كنت مفتونًا بالانتقال إلى برشلونة واللعب تحت قيادة جوارديولا”.
موسم أخير ممل
في الموسم الأخير لبيرلو، شارك في 25 مباراة فقط، سجل هدفًا وصنع 4، وبسبب الإصابات العديدة لم يتمكن من الظهور كثيرًا، وعندما كان يشارك، يظهر بمستوى ممل.
هذا ما وصفه في كتابه أيضًا، عندما قال: “شعرت بأنني ممل بالنسبة للجماهير، أخبرت نيستا أثناء لعب مباراة بلايستيشن أنني أفكر في المغادرة، ورده كان صريحًا: (هذا هو الاختيار الصحيح)”.
#OnThisDay
— AC Milan (@acmilan) March 28, 2019
A beautiful long-distance strike by Pirlo! ⚽
Capolavoro balistico di @Pirlo_official! ⚽ pic.twitter.com/vK6y346vYX
“جلست مع جالياني، وأعطاني قلمًا بشعار ميلان، وأخبرني ألا أوقّع بهذا القلم عقدي مع يوفنتوس، ووجه لي الشكر بعدما رفض رحيلي مرتين إلى ريال مدريد وبرشلونة”.
بيرلو يُعيد إحياء مسيرته في يوفنتوس
لا يوجد بطل مُطلق، ولكن يوجد بطل مستمر، وهذا هو يوفنتوس خلال الفترة من 2011 وحتى 2020، 9 سنوات من الهيمنة والسيطرة على لقب الدوري الإيطالي.
البداية كانت من أندريا بيرلو، الذي رفض الانضمام إلى إنتر ميلان احترامًا لجمهور ميلان، وقرر خوض تجربة يوفنتوس مقتنعًا بمشروع المدرب أنطونيو كونتي.
لقب أول للبيانكونيري في 2011-2012 متفوقًا على ميلان، وفي الموسم التالي استمر يوفنتوس في السيطرة، وبيرلو واصل الإبهار.
Fantastico gol vittoria di @Pirlo_official all'ultimo respiro nel 'Derby della Mole' 🤩🔥💯#GoalOfTheDay pic.twitter.com/pN1mHqc4mx
— JuventusFC (@juventusfc) November 30, 2023
أهداف بيرلو الحاسمة من الركلات الحرة، وصناعة بعض الأهداف الأخرى، جعلت أندريا أساسيًا مع المنتخب الإيطالي رغم وصوله لسن الـ34، ليأتي نهائي برلين 2015، ويضع نقطة النهاية للأرشيديتو مع البيانكونيري.
موسم واحد فقط قضاه بيرلو مع المدرب ماسيمليانو أليجري في يوفنتوس، عندما تولى الرجل الذي كان وراء رحيله من ميلان، قيادة البيانكونيري خلفًا لأنطونيو كونتي.
بيرلو رحل، واستمر يوفنتوس في السيطرة، ولكن كان حجر الأساس قد تم وضعه عن طريق أندريا، الذي ترك ميلان عجوزًا.
يوم لا ينفع الندم يا جالياني
في يوليو 2015، وبمناسبة عيد ميلاده الـ71، تحدث جالياني في تصريحات لصحيفة “لاجازيتا ديلو سبورت”: “أكبر خطأ ارتكبته في حياتي الرياضية هو الاستغناء عن بيرلو مجانًا”.
Galliani: "I met Pirlo in Monza on Aug 5, I told him 'You'll see, Andrea, that you will have a great career, you are destined to succeed, also as a coach". But I didn't think it'd only take 3 days to get to Juve's bench! I imagined a few months. When I reminded him, he laughed." pic.twitter.com/nd65VZT576
— JuveFC (@juvefcdotcom) August 10, 2020
وأضاف: “كانت هناك العديد من الظروف التي أحاطت بالقرار، أليجري وإدارة النادي اتخذوا قرارًا بتجديد الدماء، مع تقدم عدد كبير من اللاعبين في العمر”.
وواصل: “ترك بيرلو مجانًا شيء لا أصدقه حتى الآن، ونادم على ما حدث، رحيله كان خطأً كبيرًا، والجميع مسؤول عنه”.
أليجري لا يعترض
من عادات ماسيمليانو أليجري أنه مدرب غير متطلب، وعندما قرر يوفنتوس البحث عن مدير فني لخلافة كونتي، كان هو ماكس.
كونتي رحل بسبب طلباته في تدعيم صفوف الفريق، وصفقات مثل أنخيل دي ماريا وأليكسيس سانشيز ابتعدت عن البيانكونيري، ولكن أليجري جاء، ووافق على العمل مع موراتا، اللاعب الشاب القادم من ريال مدريد، والعجوز باتريس إيفرا.
أليجري في ميلان، قام بتغيير مركز بيرلو، وتجاهل نداء اللاعب الإيطالي في العديد من المواقف، مما جعله سببًا بشكل غير مباشر في رحيله.
وفي 2014، رحل أليجري عن ميلان، ليعود بعد 11 عامًا إلى النادي اللومباردي، ويقوده خلفًا لسيرجيو كونسيساو، والصفقة الأولى ستكون مودريتش.

ولأنه لا يعترض، لن يوقف أليجري الصفقة، وهو السبب في أن ماكس كان مستمرًا في يوفنتوس رغم النتائج السيئة، لأنه ليس من نوعية المدربين الذين يؤرقون مجلس الإدارة.
سيحاول العمل بالمتاح، وطموحه لا يتخطى ما يمكن تقديمه من هؤلاء اللاعبين.
ميلان يُصالح الزمن
ولأن العمر مجرد رقم، وهذا ما أثبته لوكا مودريتش خلال السنوات القليلة الماضية، وهو يقود ريال مدريد للفوز بالبطولات وتسجيل الأهداف الحاسمة أمام أقوى الفرق في أوروبا، ناسجًا خيوط سحره بين جدران كل ملعب، قرر ميلان التوقيع معه.
لوكا مودريتش سيضيف الجودة والخبرة لوسط ملعب ميلان، وقد يتم استخدامه كلاعب وسط محوري بواجبات صانع الألعاب، كما كان يفعل أليجري مع بيرلو في يوفنتوس.

مودريتش، في سن الـ39، وافق ميلان على التعاقد معه. وبالتأكيد الإدارة مختلفة عن جالياني ورفاقه، ولكن المدير الفني كما هو: ماسيمليانو أليجري، الذي كان شاهدًا وسببًا غير مباشر في رحيل بيرلو.
ماكس لا يملك رفاهية الرفض، سواء بسبب شخصيته التي لم تختلف كثيرًا، أو حتى الظروف الاقتصادية التي يمر بها ميلان، مما يجعلهم يوافقون على رحيل تيجاني ريندرز، وتعويضه بمودريتش، من أجل استغلال أموال بيع الهولندي.
التاريخ لا يُكتب مرتين.. لكنه قد يُصحّح
ربما لن يُعيد لوكا مودريتش أمجاد بيرلو كاملة، وربما لن يصنع لميلان نفس الثورة التي أحدثها أندريا في يوفنتوس، لكن مجرد التفكير في تصحيح خطأ عمره 14 عامًا يُثبت أن ميلان اليوم يحاول أن يُصالح تاريخه قبل أن يُطارد مستقبله.

صفقة مودريتش ليست رهانًا على الزمن، بل على عقل نضج بالتجربة، وقدم لا تزال ترقص على أنغام الكبار. في لحظة نُضج متأخرة، أدرك ميلان أن الجودة لا تُقاس بالعمر، وأن بعض الفرص لا تأتي مرتين.. لكنها إذا عادت، يجب ألا تُهدَر مجددًا.