إنتر ميلانبرشلونةقصص 365Scoresبرشلونة

لولا السرطان لاعتزل كرة القدم.. أتشيربي اعتاد العودة من الموت يا برشلونة

بدون السرطان لاعتزلت كرة القدم.. عزيزي القارئ، أنت تقرأ الجملة بشكل صحيح، لقد قالها فرانشيسكو أتشيربي، ولم يخطئ في وصف ما مر به.

البعض قد يظن أن السرطان يقضي على أي أمل في بعض الأحيان، ولكن أتشيربي استغل ذلك المرض كوقود لإشعال نيران الإرادة بداخله، وحوّل مسيرته في سن يعتزل فيه البعض كرة القدم.

في تلك اللعبة العديد من القصص المُلهِمة، فرانشيسكو أتشيربي بطلٌ لواحدة منها، بعدما قاد إنتر ميلان لنهائي دوري أبطال أوروبا بعد أداء استثنائي في عمر الـ37 أمام برشلونة.

حلم يتحول إلى كابوس

في يوليو 2012، وبعد تألقه مع هيلاس فيرونا في عمر الـ25، انضم فرانشيسكو أتشيربي إلى ميلان، في الخطوة الأهم في مسيرته والتي وصفها بالحلم حينذاك.

في ذلك الوقت، توفي والد أتشيربي والذي كان قريبًا للغاية منه، وكان يعتبره صديقه، حسب تصريحات سابقة للاعب الإيطالي، وفي الوقت ذاته كان ميلان يمر بموسم سيئ للغاية.

رحل أتشيربي عن ميلان بعد 6 أشهر فقط، وما بين جنوى وكييفو فيرونا، كان اللاعب الإيطالي يُعاني نفسيًا، وبدأ يستمر في شرب الكحول ويسهر في الملاهي الليلية.

في يوليو 2013، وصل إلى ساسولو لتمثيل النيروفيردي، وفي الكشف الطبي الروتيني مع ناديه الجديد، اكتشف الأطباء أنه مصاب بسرطان الخصية.

خضع اللاعب حينها لجراحة لإزالة الورم، وبعدما عاد بشكل طبيعي، وشارك في بعض المباريات، في ديسمبر 2013، فشل في اختبار المنشطات.

بعد العديد من التحاليل، اكتشف الأطباء أن مرض سرطان الخصية عاد للاعب، ولابد من العلاج الكيميائي.

السرطان أنقذني لأني وجدت خصمًا أقاتل ضده

قال أتشيربي لصحيفة “لاجازيتا” الإيطالية في 2023: “التحدي ضروري دائمًا في الحياة. كنتُ بحاجة إليه، أولًا مع والدي، ثم مع المرض”.

وأضاف: “تحدثتُ إلى طبيب نفسي بعد إصابتي بالسرطان مرتين. شرح لي كيفية التصرف والمضي قدمًا. من المهم أن يكون حولك بضعة أشخاص، اثنان أو ثلاثة، تثق بهم ثقةً حقيقية. من المهم أن تفهم ما تريده حقًا من الحياة. لا يهم إن كنتَ تلعب أم لا، سيأتي دورك عاجلًا أم آجلًا، الأهم أن تقاتل”.

بدأ أتشيربي بالفعل في القتال، وأكد في تصريحاته أنه كان يرى والده في كل مرة يحاول من خلالها التغلب على المرض، وقال: “سأواجه ذلك، كأنني في مباراة كرة قدم، عليّ الفوز، ولن أجعله يفرح بسقوطي”.

أتشيربي – تورام – تشالهان أوجلو – بافارد – مهدي تاريمي

“أردتُ أن أقول لوالدي بيني وبين نفسي إنني قادر على الوصول، لقد توفي قبل انتقالي إلى ميلان بأيام قليلة. كنت شخصًا مُحطمًا، ولكن إصابتي بالسرطان جعلتني أقوى”.

“في يوم من الأيام، ظننتُ أنني سألعب في ميلان لمدة 15 عامًا. اليوم أقول لا. لولا السرطان، لاعتزلتُ في الثامنة والعشرين من عمري. ربما كنتُ سألعب في دوري الدرجة الثانية الإيطالي، في سيتاديلا، لكن مع السرطان، بدأت حياتي الحقيقية، ومنحني فرصة ثانية”.

أتشيربي يهزم السرطان ويبدأ مسيرة في سن الـ26

في ذلك العمر، يعتقد البعض أن المسيرة في ذروتها، ولا يمكن للاعب كرة قدم أن يبدأ مسيرته الاحترافية بهذا العمر، لكن أتشيربي كان له رأي آخر.

في مارس 2014، أعلن أتشيربي عبر صفحته على فيسبوك، أنه عاد من جديد لكرة القدم، وتعافى تمامًا، ولن يحصل مجددًا على أي جرعة كيماوي.

التقارير حينها أشارت إلى أن أتشيربي، في ظل ما كان يتعرض له خلال محاربته للسرطان، كان يواصل تدريباته حتى لا يفقد كتلته العضلية، من أجل العودة في أسرع وقت.

تألق أتشيربي مع ساسولو تحت قيادة دي فرانشيسكو، وأقنع أنطونيو كونتي، مدرب منتخب إيطاليا في ذلك الوقت، ليضمه إلى قائمة الأتزوري لأول مرة بعد تغلبه على السرطان.

لم يتوقف الحلم هنا، ليقول أتشيربي في أول رد على ذلك: “بكل ما مررت به، أنا سعيد وفخور ولكن ما زال لدي أهداف، عندما أصل لها سأكون راضيًا”.

إنزاجي يحبك يا أتشيربي

في 2018، طلب سيموني إنزاجي، المدير الفني لـ لاتسيو في ذلك الوقت، التعاقد مع فرانشيسكو أتشيربي بعد تألقه مع ساسولو، وأكد في تصريحاته بعد انضمام المدافع: “أحب فرانشيسكو كثيرًا، وسعيد لأنه سيكون معنا”.

بعدما صنعا المجد سويًا، المنافسة مع يوفنتوس على الدوري، ومن ثم كأس السوبر الإيطالي على حساب البيانكونيري وتحقيق بطولة للنسور، رحل إنزاجي لخلافة كونتي في إنتر ميلان.

في سبتمبر 2021، نشر أتشيربي صورة له مع ابنته بعد ولادتها، ولا يمكن أبدًا أن تستعجب من اسم نجلة فرانشيسكو.

قرر أتشيربي تسميتها “فيتوريا” بمعنى “انتصار”. بعدما انتصر على السرطان، وعلى الخيبات التي مر بها بعد وفاة والده، قرر أن يكون اسم ابنته يذكّره بأنه عاد للحياة من جديد بفضل هذه الانتصارات.

بعد عام واحد فقط له مع إنتر ميلان، طلب إنزاجي التعاقد مع أتشيربي لتدعيم خط دفاعه، إعارة لمدة موسم، ثم شراء بطاقته كاملة.

فرانشيسكو بطل أوروبا مع مانشيني في يورو 2020، حقق مع إنتر ميلان الدوري والكأس والسوبر، ويعود ليكون واحدًا من أهم المدافعين في إيطاليا.

الاتهام بالعنصرية

في مارس 2024، تم اتهام أتشيربي بالعنصرية، وذلك بتوجيه بعض الإشارات لمدافع نابولي، جوان جيسوس، مما جعل لوتشيانو سباليتي يستبعده من قائمة المنتخب الإيطالي في ذلك الوقت.

ورغم الاستبعاد من قائمة المنتخب الإيطالي، لكن بعد التحقيقات، تم تبرئة أتشيربي، ولم يتم إيقافه من قبل الاتحاد، وعاد لممارسة كرة القدم مع النيرازوري بشكل طبيعي.

السيطرة على هالاند

في ظل ما كان يقدمه إيرلينغ هالاند، إلا أنه في بداية الموسم الحالي ظهر كالحمل الوديع عندما سيطر عليه أتشيربي، الذي وصل لسن الـ38، أمام المهاجم النرويجي صاحب الـ24.

إيرلينغ هالاند صرّح بأن أتشيربي من أصعب المدافعين الذين لعب أمامهم، وها هو يعود من جديد ويسيطر على قلوب الإنتريستا في ليلة تاريخية بملعب جوسيبي مياتزا.

أتشيربي يتجرد من الخيبات

بعد مسيرة مليئة بالتقلبات، انتصر فيها أتشيربي كثيرًا، وواجهته الحياة بوجهها الأسوأ، لكنه انتصر في النهاية، وانتصر ووصل للنهائي الثاني مع النيرازوري.

وصول للنهائي بهدف قاتل في مرمى برشلونة بعدما كان جماهير الأفاعي يقتربون من أبواب الخروج من ملعب جوسيبي مياتزا.

في الدقيقة 93 يسجل من منطقة الجزاء وكأنه رونالدو الظاهرة، أو دييغو ميليتو، وكأن لاوتارو مارتينيز لم يخرج من الملعب، ولكنه يا سادة فرانشيسكو أتشيربي.

يسجل ويتجرد من ملابسه، ويحتفل احتفالًا أيقونيًا، ولسان حاله: “لقد انتصرت، لقد انتصرت يا فيتوريا” .. في رسالة إلى ابنته التي تبلغ من العمر 4 سنوات الآن.

نادر شبانة

صحفي مصري منذ عام 2012، عملت بالعديد من القنوات التلفزيونية، أقوم بتقديم محتوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أهتم بكرة القدم العالمية والإيطالية بشكل أكبر، أجيد كتابة القصص في كرة القدم والتحليلات للمباريات، وترجمة الأخبار ومتابعة الأحداث لحظة بلحظة