أخبار الهلال السعودي اليومالدوري الإنجليزيالأهليالاتحاد

من جارديم إلى إنزاجي – ماذا تغيّر في الهلال منذ آخر مواجهة إنجليزية في مونديال الأندية؟

تتجه أنظار عشاق كرة القدم العالمية فجر الأول من يوليو، وتحديدًا الساعة الرابعة صباحًا بتوقيت القاهرة، نحو ملعب “كامبينج وورلد” بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تحتضن أرضه مواجهة نارية في دور الـ16 من بطولة كأس العالم للأندية 2025 الموسعة.

سيصطدم الهلال السعودي، وصيف المجموعة الثامنة برصيد 5 نقاط، بالعملاق الإنجليزي مانشستر سيتي، متصدر المجموعة السابعة، في لقاء لا يُعد اختبارًا لقوة “الزعيم” الحالي فحسب، بل مقياسًا لمدى التطور الذي شهده الفريق منذ آخر مواجهة له مع فريق إنجليزي في هذه البطولة قبل عامين.

التغييرات في اللاعبين والمدرب لم تكن مجرد أسماء، بل كانت تحولاً كاملاً في الهوية والأداء، الفريق الحالي يمتلك قدرة هجومية هائلة، وثباتاً دفاعياً، وعمقاً في البدلاء، مما يجعله أكثر جاهزية لمقارعة أبطال أوروبا.

2022 درس تشيلسي لا يُنسى

تعود بنا الذاكرة إلى التاسع من فبراير 2022، عندما التقى الهلال بتشيلسي الإنجليزي في نصف نهائي كأس العالم للأندية 2021 (التي أقيمت في أبوظبي بشكلها القديم).

وقتها، كان الهلال تحت قيادة المدرب الفنزويلي ليوناردو جادريم، وقد وصل إلى هذا الدور بعد أداء لافت في ربع النهائي بفوزه الساحق على الجزيرة الإماراتي بنتيجة 6-1.

ورغم الأداء المميز والروح القتالية التي أظهرها نجوم الهلال، إلا أن المباراة انتهت بفوز “البلوز” بهدف وحيد سجله المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو. تلك المواجهة كشفت عن بعض الفوارق في الخبرة والتعامل مع المباريات الكبرى أمام النخبة الأوروبية، لكنها تركت أيضاً انطباعاً بأن الهلال فريق يمتلك المقومات للتطور.

ثورة كبرى وتغيير جلدي

منذ ذلك التاريخ، شهدت أروقة نادي الهلال ثورة حقيقية وتغييرات جذرية لم تقتصر على المدربين فحسب، بل طالت هيكل الفريق بأكمله.

التشكيلة الأساسية التي واجهت تشيلسي كانت تضم أسماء بحجم عبد الله المعيوف في حراسة المرمى، وياسر الشهراني، وعلي البليهي، وجانج هيون سو، ومحمد البريك في الدفاع، بالإضافة إلى جوستافو كويلار، ومحمد كنو، وسالم الدوسري، وماثيو بيريرا في الوسط، وموسى ماريجا، وأوديون إيجالو في الهجوم. بينما كانت دكة البدلاء تضم أسماء مثل سعود عبد الحميد (الذي احترف لاحقاً في أوروبا)، ومصعب الجوير، وميشايل دلجادو، وأندريه كاريلو.

الآن، وبعد ضخ استثمارات هائلة، يقف الهلال في مونديال 2025 بتشكيلة مختلفة تماماً، تعج بالنجوم العالمية. حراسة المرمى يذود عنها الحارس المغربي المتألق ياسين بونو، الذي فاز بجائزة رجل المباراة قبل الأخيرة ضد سالزبورج النمساوي.

 خط الدفاع أصبح يضم أسماء لامعة مثل جواو كانسيلو، حسان تمبكتي، وكاليدو كوليبالي، ورينان لودي. وفي خط الوسط، يلعب الثلاثي القوي روبن نيفيز، ناصر الدوسري، وسيرجي ميلينكوفيتش سافيتش. أما خط الهجوم، فيقوده كل من مالكوم، سالم الدوسري (الذي لا يزال أحد أبرز ركائز الفريق ويُقدم أداءً مذهلاً)، و”الجلاد” ألكسندر ميتروفيتش.

هذه الأسماء، بالإضافة إلى قائمة ثرية بالعديد من اللاعبين المميزين محلياً وعالمياً، منحت الهلال عمقاً وجودة غير مسبوقين، وحولته إلى قوة ضاربة على كافة الأصعدة.

6 فقط من الماضي.. التغيير يكتسح تشكيلة الهلال

من بين القائمة التي تواجدت في مواجهة تشيلسي بكأس العالم للأندية 2021، لم يتبقَ في صفوف الهلال سوى ستة لاعبين فقط في نسخة 2025، وهم: علي البليهي، ياسر الشهراني، محمد كنو، سالم الدوسري، حمد اليامي، ومصعب الجوير.
هذا الرقم يُبرز حجم التغيير الجذري الذي شهده الفريق خلال ثلاث سنوات فقط، إذ غادر أكثر من 70% من عناصر تلك التشكيلة، ليحل محلهم نجوم عالميون وأسماء شابة، شكّلوا معاً ملامح جيل جديد يحمل طموحات الهلال العالمية.

من جارديم إلى إنزاجي.. تحول في الفكر الفني

لم تقتصر التغييرات في الهلال على الأسماء داخل الملعب، بل شملت كذلك دفة القيادة الفنية والفلسفة التكتيكية، ففي فبراير 2022، كان الهلال تحت قيادة المدرب البرتغالي ليوناردو جارديم حين خاض مواجهة تشيلسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية، ورغم الأداء المنظم، ظهر افتقار الفريق للخبرات وإنهاء الهجمات والقدرة على مجاراة النسق الإنجليزي العالي.

ومنذ ذلك الحين، شهد الهلال تغييرات عدة على مستوى الجهاز الفني، كان آخرها رحيل جورجي جيسوس بعد موسم مخيب خسر فيه الفريق لقب الدوري لصالح الاتحاد، وودّع دوري أبطال آسيا مبكرًا. وجاء القرار الحاسم بالتعاقد مع الإيطالي سيموني إنزاجي، المدير الفني السابق لإنتر ميلان، قبل أيام فقط من انطلاق مونديال 2025.

بصمة إنزاجي ظهرت سريعًا، حيث قاد الفريق لتقديم أداء كبير أمام ريال مدريد في دور المجموعات وانتهت المواجهة بالتعادل الإيجابي، قبل أن يحقق فوزًا مستحقًا على باتشوكا المكسيكي ليحسم تأهله إلى دور الـ16.

إنزاجي، المعروف بمرونته التكتيكية وقدرته على توظيف النجوم في أدوار تخدم المنظومة، جلب للهلال توازنًا وفاعلية كان الفريق يفتقدها سابقًا، وها هو يستعد لمواجهة بيب جوارديولا بتكتيك جديد وهوية فنية أكثر اكتمالاً.

فريق أوروبي بهوية سعودية

وبينما كان الهلال في 2022 يراهن على الروح، فهو الآن يراهن على الجودة. الهلال 2025 فريق يضغط، يُدوّر، يملك حلولًا في الدكة، ويعرف كيف يُدير إيقاع المباراة.

إذا كان الهلال قبل مواجهة تشيلسي بطلاً لدوري أبطال آسيا ومسيطراً محلياً، فإنه اليوم يدخل مواجهة مانشستر سيتي وهو يمتلك فريقاً أكثر نضجاً وتوازناً وخبرة عالمية، وهو ما تشير إليه النتائج في دور المجموعات.

شريف كمال

صحفي رياضي منذ عام 2015، وعضو نقابة الصحفيين المصريين ورابطة النقاد الرياضيين. متخصص في تغطية كرة القدم المحلية والعربية، وصناعة المحتوى الرياضي بمختلف أشكاله. أهتم بالتقارير الرقمية والتحليلية المدعومة بالبيانات، وإجراء الحوارات الصحفية والمصورة. أسعى دائمًا لتقديم تغطية احترافية تُوازن بين سرعة الخبر وعمق التحليل. المزيد »