إنتر مياميبرشلونةتقارير ومقالات خاصة
الأكثر تداولًا

ميسي يتفوق على رونالدو برقمين صادمين ويحقق إعجازًا في الركلات الثابتة

واصل الأسطورة الأرجنتيني ليونيل ميسي عروضه المميزة في الملاعب الأمريكية عندما قاد فريقه إنتر ميامي لتحقيق الفوز على ناشفيل بهدفين مقابل هدف في الدوري الأمريكي لكرة القدم. خلال تلك المباراة حدث ما أصبح بمثابة عادة يفعلها النجم الأرجنتيني خلال السنوات الأخيرة: ليونيل ميسي يقف فوق الكرة، على بعد أمتار من منطقة الجزاء، ثم يسدد ركلة حرة مباشرة تسكن شباك الخصم، للمرة ال69 في تاريخه.

لم يكتفِ ميسي بهذه اللمسة السحرية، فبعد أن عادل ناشفيل النتيجة، عاد البرغوث في الدقيقة 62 ليؤكد حضوره بطريقة أخرى، مستغلاً خطأً فادحًا من حارس المرمى، انقض على الكرة بذكاء، وراوغ الحارس بمهارة، وأودع الكرة في الشباك ليحسم الفوز لفريقه بنتيجة 2-1.

هذه الثنائية كانت الخامسة لليونيل ميسي على التوالي في الدوري الأمريكي، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخ المسابقة، ويؤكد على حالته الفنية الممتازة حتى في عمر 38 عامًا.

هذه المباراة، وهذا الهدف من ركلة حرة على وجه الخصوص، ليست مجرد حدث عابر في مسيرة ميسي، بل هي صورة مصغرة مثالية لتطوره في المراحل الأخيرة من مسيرته. في وقت توقع فيه الكثيرون بداية منحنى هبوط طبيعي، فاجأ ميسي الجميع بالوصول إلى ذروة جديدة وأكثر حدة في واحدة من أصعب الفنون الكروية، وهو الركلات الحرة.

استخدم ميسي هذا السلاح الجديد ليس فقط لحسم المباريات، بل لحسم نقاشات تاريخية، ولكتابة السطور الأخيرة في قصة أعظم من لمس الكرة، بأسلوب أكثر أنيق ودقيق كعادته.

إعجاز ميسي في الركلات الثابتة

في عالم كرة القدم، هناك حقائق تبدو بديهية، وإحدى هذه الحقائق هي أن ركلات الجزاء، من مسافة 12 ياردة وبدون حائط دفاعي، هي أسهل الطرق لتسجيل الأهداف مقارنة بالركلات الحرة المباشرة المعقدة، لكن ليونيل ميسي، في المرحلة الأخيرة من مسيرته، قرر أن يعيد كتابة هذه البديهيات.

تكشف الأرقام عن مفارقة مذهلة، إعجاز إحصائي خيالي، فمنذ بداية عام 2018 وحتى هدفه الأخير في مرمى ناشفيل، سجل ليونيل ميسي 35 هدفًا من ركلات حرة مباشرة، في مقابل 33 هدفًا فقط من ركلات جزاء.

عدد أهداف ميسي من ركلات حرة منذ بداية 2018عدد أهداف ميسي من ركلات جزاء منذ بداية 2018
3533

الركلة الحرة، هي اختبار للمهارة والإبداع، وتستلزم التغلب على متغيرات متعددة، مثل المسافة، وزاوية التسديد، وعدد اللاعبين في الحائط البشري، وتمركز حارس المرمى، وبالتالي هي مهارة ذات نسبة نجاح ليست كبيرة، إلا مع اللاعبين المميزين بشكل كبير.

لكن ميسي حوّل المهمة الأكثر تعقيدًا في كرة القدم من الناحية الفنية إلى مصدر أهداف أكثر من المهمة الأبسط وهي ركلة الجزاء.

هذا التطور لم يكن وليد الصدفة، فميسي في بداية مسيرته لم يكن معروفًا كمتخصص بارع في الركلات الحرة، لكن ما نشهده منذ عام 2018 هو نتاج سنوات من التدريب والتطور المستمر، حيث أضاف مهارة جديدة مدمرة إلى ترسانته الهجومية وهو في الثلاثينيات من عمره.

هذا التحول يُعتبر تكيفًا استراتيجيًا عبقريًا مع تقدم العمر، فمع تراجع القدرة على القيام بالمراوغات التي ميزت شبابه، قام ميسي بتنمية وتطوير مهارة تعتمد بشكل كلي على الدقة الفائقة والمهارة التقنية الخالصة والذكاء الكروي، بدلاً من القوة البدنية.

ميسي ضد رونالدو: المنافسة تنطفئ وميسي يبتعد!

لأكثر من عقد من الزمان، شكلت المنافسة بين ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو القصة المحورية في عالم كرة القدم، وسيطر كل منهما على المنافسة العالمية لسنوات طويلة، بل ودفع كل منهما الآخر إلى آفاق جديدة، وتبادلا الأرقام القياسية في صراع ملحمي على لقب الأفضل لعقد من الزمان، ولكن في السنوات الأخيرة، وتحديدًا في مجال الركلات الحرة المباشرة، لم يعد المساران متوازيين، بل شهدا انفصالًا كبيرًا وتحولًا هائلاً، حيث تحول ما كان سباقًا متقاربًا إلى هيمنة شبه مطلقة من جانب واحد، هو جانب ليونيل ميسي.

ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو
ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو

تكشف الأرقام منذ بداية عام 2018 عن تفوق واضح لا لبس فيه، ففي هذه الفترة، سجل ليونيل ميسي 35 هدفًا من ركلات حرة مباشرة، بينما سجل كريستيانو رونالدو 11 هدفًا فقط. هذه ليست فجوة ضيقة يمكن تفسيرها بالحظ أو الظروف، بل هي فارق كبير يعكس تفوقًا كاسحًا بنسبة تتجاوز 3 إلى 1.

الإحصائيات السنوية توضح هذا التباين بشكل أكبر، فعلى سبيل المثال في عام 2018، سجل ميسي 10 ركلات حرة مقابل واحدة لرونالدو. وفي 2019، استمر التفوق بـ8 أهداف لميسي مقابل هدف واحد لرونالدو. وحتى في السنوات التي كان فيها تهديف ميسي أقل، مثل هدف واحد في 2020، ظل الفارق كبيرًا ومستمرًا، مما يثبت أن تفوق ميسي لم يكن مجرد طفرة عابرة، بل حالة من التميز الدائم، في مقابل نجاح متقطع لرونالدو في هذا الجانب.

أهداف الركلات الحرة منذ بداية 2018 بين ميسي ورونالدو

السنةليونيل ميسيكريستيانو رونالدو
2018101
201981
202012
202150
202221
202353
202413
2025 (حتى 13 يوليو)30
المجموع3511

إثبات الكفاءة: الزمن عامل الحسم

يزداد عمق التحليل عند إدخال عامل الزمن. الإحصائية الأكثر إثارة هي أن كريستيانو رونالدو سجل 34 ركلة حرة في فترة زمنية طويلة تمتد من بداية عام 2012 حتى منتصف 2025 (أي 13.5 عامًا). في المقابل، سجل ليونيل ميسي 35 ركلة حرة في فترة زمنية أقصر بكثير، من بداية 2018 حتى منتصف 2025 (أي 7.5 أعوام فقط).

هذا لا يوضح فقط تفوقًا في العدد، بل يكشف عن فارق هائل في معدل الإتقان. إنتاج ميسي في السنوات الأخيرة ليس مجرد إنتاج غزير، بل يتفوق على منافسه التاريخي بفارق كبير، فقد تجاوز في نصف المدة تقريبًا ما سجله منافسه التاريخي في المدة كاملة.

أربعة فرق لكل لاعب لكن الإحصائيات مختلفة تمامًا!

توزيع هذه الأهداف بين الأندية والمنتخبات التي لعب لها النجمان يقدم بعدًا آخر للتحليل. أثبت ميسي أن مهارته في تسديد الركلات الحرة قابلة للتنقل والتكيف مع أي بيئة كروية.

الفريقعدد الركلات الحرة التي سجلها ميسي منذ 2018 حتى 2025
برشلونة الإسباني22
إنتر ميامي الأمريكي 6
منتخب الأرجنتين5
باريس سان جيرمان الفرنسي2

هذا التوزيع يظهر استمرارية مميزة عبر ثلاثة دوريات مختلفة في قارتين بجانب المنتخب الأرجنتيني الذي يخوض مباريات في مختلف دول العالم.

على الجانب الآخر، تبدو قصة رونالدو مختلفة، فقد جاءت أهدافه الـ 11 في نفس الفترة، كالتالي:

الفريقعدد الركلات الحرة التي سجلها رونالدو منذ 2018 حتى 2025
النصر السعودي5
منتخب البرتغال4
مانشستر يونايتد الإنجليزي1
يوفنتوس الإيطالي1

اللافت للنظر في هذا الجدول هو أن رونالدو لم يسجل أي هدف من ركلة حرة مع ريال مدريد في النصف موسم الذي قضاه معهم في عام 2018 قبل رحيله.

هذا التوزيع، وخصوصًا الرقم الضئيل مع يوفنتوس (هدف واحد في ثلاث مواسم)، يشير إلى أن قدرته الأسطورية على تسديد الركلات الحرة، والتي كانت علامة مسجلة في بداية مسيرته، تراجعت بمرور الوقت، ولم تنتقل معه بنفس الفعالية في المحطات التالية لوجوده مع ريال مدريد.

ذروة أفضل من ذروة!

عند مقارنة أفضل مواسم كل لاعب في تنفيذ الركلات الحرة، يتضح التفوق مرة أخرى. أفضل عام لرونالدو في تسجيل الركلات الحرة منذ 2012 كان عام 2013، حيث سجل 6 أهداف.

أفضل أعوام رونالدو في الركلات الحرة منذ 2012عدد الأهداف
عام 20136

في المقابل، تمكن ميسي من معادلة هذا الرقم أو تجاوزه في أربع مناسبات مختلفة:

أفضل أعوام ميسي في الركلات الحرة منذ 2012عدد الأهداف
عام 201810
عام 20198
عام 20167
عام 20127

هذا يثبت أن المستوى المعتاد لميسي خلال سنوات ذروته في مهارة تسديد الركلات الحرة المباشرة كان يتجاوز أفضل أداء لرونالدو على الإطلاق في نفس الإطار الزمني، وهذه ليست مجرد مقارنة بين أرقام، بل هي مقارنة بين سقف الأداء، وسقف ميسي كان أعلى بشكل كبير.

بعيدًا عن الكرة الثابتة – من الأفضل في اللعب المفتوح؟

قد يجادل البعض بأن التركيز على الركلات الحرة وحدها يقدم صورة غير مكتملة، وأن الهيمنة التهديفية الشاملة هي المقياس الأهم. لكن حتى عند توسيع نطاق التحليل ليشمل الأهداف من اللعب المفتوح، وتحديدًا الأهداف التي لا تتضمن ركلات جزاء، يظل التفوق لميسي في نفس الفترة الزمنية، مما يدحض فكرة أن رونالدو يعوض تراجعه في الركلات الحرة بتفوقه في اللعب المفتوح.

اللاعبالأهداف بدون ركلات جزاء منذ عام 2018
ليونيل ميسي 252 هدفًا
كريستيانو رونالدو238 هدفًا

هذا الفارق البالغ 14 هدفًا هو فارق جوهري على هذا المستوى التنافسي، ويؤكد أن هيمنة ميسي لم تقتصر على الكرات الثابتة فقط.

توزيع أهداف ميسي من اللعب المفتوح يعكس تأثيره المستمر في كل محطة من محطاته:

الفريقعدد أهداف ميسي بدون ركلات جزاء منذ 2018 حتى 2025
برشلونة الإسباني129
منتخب الأرجنتين 39
باريس سان جيرمان الفرنسي30
إنتر ميامي الأمريكي 54

هذه الأرقام تكتسب أهمية أكبر عند وضعها في سياق الأدوار المختلفة للاعبين. يُعرف رونالدو في المقام الأول بأنه “المهاجم الهداف”، حيث يتمحور دوره حول التواجد في المكان المناسب لوضع الكرة في الشباك. في المقابل، يلعب ميسي دورًا مزدوجًا كصانع ألعاب وهداف في آن واحد.

150 رقمًا قياسيًا في مسيرة ليونيل ميسي
ليونيل ميسي – منتخب الأرجنتين (المصدر:Gettyimages)

لذلك، فإن تفوق ميسي على رونالدو في عدد الأهداف من اللعب المفتوح هو أمر لافت للغاية. فهو لا يتفوق على منافسه في مجال يُعتبر تاريخيًا هو الأقوى فيه (تسجيل الأهداف)، بل يفعل ذلك بجانب المشاركة في بناء اللعب وصناعة الفرص لزملائه. هذا يجعل الفارق البالغ 14 هدفًا أكثر دلالة مما يبدو عليه، فهو انتصار لميسي في ملعب منافسه، مما يدل على قدرات هجومية أكثر شمولية وتميزًا.

مطاردة الأساطير – صعود ميسي في ترتيب مسددي الكرات الثابتة

بعيدًا عن المنافسة الثنائية التي هيمنت على العصر الحديث، فإن إنجازات ميسي في الركلات الحرة تضعه الآن في نقاش أوسع وأكثر عمقًا، وهو تواجده مع أساطير اللعبة الذين تميزوا في تسديد الركلات الحرة المباشرة.

تمكن ميسي من الصعود في الترتيب التاريخي لأفضل مسددي الركلات الحرة، متجاوزًا أسماء أسطورية، ومطاردًا أساطير بدت أرقامها في يوم من الأيام بعيدة المنال.

مع هدفه الأخير ضد ناشفيل، وصل ميسي إلى 69 هدفًا من ركلات حرة مباشرة، مما يضعه في المركز الثالث في القائمة التاريخية.  

أفضل الهدافين من الركلات الحرة عبر التاريخ

الترتيباللاعبعدد الأهداف
1جونينيو (البرازيل)77
2بيليه (البرازيل)70
3ليونيل ميسي (الأرجنتين)69
4فيكتور ليجروتالي (الأرجنتين) / رونالدينيو (البرازيل)66
5ديفيد بيكهام (إنجلترا)65
6كريستيانو رونالدو (البرتغال)64

بهذا الرقم، يقترب ميسي بشدة من تحطيم الرقم القياسي لأكثر اللاعبين تسجيلًا للأهداف من ركلات حرة، والذي يحمله النجم البرازيلي المعتزل جونينيو. الآن، لم يتبق أمام النجم الأرجنتيني سوى اسمين فقط، ويصبح على قمة مسددي الركلات الحرة عبر التاريخ، ويبدو أنه لن يتجاوزه أي لاعب في المستقبل القريب.

الهدف التلاي هو أسطورة البرازيل، بيليه، الذي سجل 70 هدفًا من ركلات حرة، وبالتالي فكرة أن يتجاوز لاعب أرجنتيني “الملك” البرازيلي تحمل علامة تاريخية كبيرة، وتضيف بعدًا آخر من أبعاد التنافس الكروي بين البلدين.

القمة الأولى، تتمثل في رقم البرازيلي جونينيو، الذي يُعتبر أعظم مسدد للركلات الحرة في التاريخ برصيد 77 هدفًا. مطاردة هذا الرقم تبدو ممكنة بشكل واقعي، فبالنظر إلى معدل تسجيل ميسي منذ بداية 2018 (4.7 هدف في السنة)، فإن الوصول إلى رقم جونينيو وتجاوزه يصبح هدفًا ممكنًا إذا استمر في اللعب لمدة موسمين أو ثلاثة قادمة. هذه المطاردة تمثل أحد آخر التحديات الكبرى المتبقية في مسيرة ميسي لتحطيم الأرقام القياسية.

حسام أحمد

صحفي رياضي مصري متخصص في كرة القدم، أتمتع بخبرة في تغطية المباريات وصناعة القصص الصحفية المميزة. أجريت عددًا كبيرًا من الحوارات مع شخصيات كروية محليًا وعالميًا، وقدمت العديد من الأخبار الحصرية المتعلقة بكرة القدم حول العالم.